البشاري يلامس مفهوم الحرية .. مصدر إلهام وأرضية للنزاعات الإيديولوجية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عن المركز الثقافي للكتاب، صدر للأمين العام للمؤتمر الإسلامي الأوروبي، محمد البشاري، كتاب جديد بعنوان “الحرية المستحيلة .. بين استشراف الأفق الإنساني وحبس تطرفه”، يروم، وفق ورقته التقديمية، تفكيك مفهوم الحرية “الذي طالما كان مصدر إلهام، ولكنه أيضاً أصبح أرضية للنزاعات الفكرية والأيديولوجية”، فيتناول لذلك المفهوم “من منظور شامل يجمع بين الفلسفة، الدين، والأخلاق”، ويحلّل “التناقضات والنزاعات التي تنشأ عند محاولة تطبيق الحرية في المجتمعات المعاصرة”، كما يثير “أسئلة جوهرية حول الحدود الممكنة للحرية، ومدى تأثيرها على الفرد والمجتمع، ومدى قدرتها على تعزيز الوئام الوطني أو تهديده”.

الكتاب الجديد الذي يسعى إلى “تقديم رؤية فلسفية وأخلاقية ودينية متوازنة”، يسجّل كون التساؤلات حول “الحرية”، “ليست مجرد استفسارات نظرية، بل هي جوهرية لفهم الطريقة التي نعيش بها ونتفاعل مع الآخرين”، من قبيل: “هل الحرية حقاً مطلقة كما تدعي الكثير من الحركات المعاصرة أم إنها محكومة بضوابط اجتماعية وأخلاقية ودينية تجعل منها قيمة نسبية تتغير وفقاً للسياقات التاريخية والثقافية؟”.

ومن بين ما يبيّنه المؤلَّف أن “الحرية ليست مجرد حق فردي، بل مفهوم معقد يحتاج إلى تحليل أعمق لفهم التوازن المطلوب بين الحقوق الفردية والواجبات الاجتماعية”، ويدافع على “الحرية كمسؤولية اجتماعية”؛ لأن “ممارسة الحرية الفردية دون قيود قد تؤدي إلى تهديد النظام الاجتماعي، ما يعزز أهمية التحليل النقدي لتحديد ما هو مقبول اجتماعياً وما يمكن أن يسبب فوضى”.

كما ينتقد الكتاب “الحرية المطلقة التي تدعو إليها بعض الحركات الحديثة”؛ فالحرية “يجب أن تكون محكومة بإطار أخلاقي وديني للحفاظ على استقرار المجتمع”، ويتوقف عند قضايا معاصرة تتعلق بالحريات الفردية والجماعية، مثل “حقوق المثليين، والإلحاد، والنسوية المتطرفة”؛ لأن “هذه القضايا ليست فقط محورية في النقاشات المجتمعية المعاصرة، بل تطرح أيضاً تساؤلات حول مدى توافقها مع القيم الأخلاقية والدينية”.

ويهتم الكتاب بـ”التأثيرات التي قد تتركها هذه الحريات على البنية الأخلاقية والاجتماعية للمجتمعات”، متسائلا “إذا كانت هذه الحريات تعزز حقوق الإنسان أو تساهم في تفكيك المجتمعات”، قبل أن يردف قائلا إن “الحريات الفردية إذا لم تخضع لضوابط أخلاقية، يمكن أن تؤدي إلى تهديد البنية الاجتماعية والتماسك الثقافي للمجتمعات”.

وينفي المؤلّف عن الحرية التضاد مع الأخلاق، مسجلا أنها “يمكن أن تتكامل معها إذا ما تم فهمها في إطار أخلاقي واجتماعي”. لذا، من بين ما يقصده العمل “إعادة تعريف الحرية كمسؤولية أخلاقية، تتطلب من الفرد أن يمارس حريته دون الإضرار بالمجتمع”، لأن “تحرير الحرية من أي ضوابط قد يؤدي إلى فوضى أخلاقية”، ففي “المجتمعات التي تتركز فيها الحرية على الفرد دون اعتبار لحقوق الآخرين، قد تصبح الحرية أداة للفوضى والانقسام الاجتماعي”.

ويرمي المنشور الجديد إلى تقديم “نموذج متوازن للحرية”، يستند إلى فكرة أن “الحرية يجب أن تكون مدعومة بالمسؤوليات الأخلاقية والدينية”؛ فالحرية وفق البشاري “ليست هدفاً في حد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق التوازن الاجتماعي والعدل”، وهذا “النموذج المتوازن” يسمح للفرد بـ”ممارسة حقوقه بحرية، لكن دون الإضرار بالنظام الأخلاقي والاجتماعي”.

ويعترف الباحث بأن “الحريات الفردية مهمة”، ثم يستدرك قائلا: “لكنها ليست مطلقة ويجب أن تتماشى مع مصلحة المجتمع الأكبر”، بل “يجب أن تتوازن مع الواجبات الجماعية والمسؤوليات التي تضمن استقرار المجتمع”.

وينتقد المؤلّف دعوات “مؤدلجة للحرية” لتحقيق “أغراض سياسية أو اجتماعية”، “مثل جماعات الضغط الاجتماعي والحركات التي تروج لحريات مطلقة تتناقض مع القيم المجتمعية والدينية”، مبرزا “كيفية التلاعب بالمفهوم الفلسفي للحرية من قبل بعض الجماعات لتحقيق أهداف خاصة”.

ويوضّح الكتاب بعد ذلك أن الحرية “إذا فُهمت ومورست بطريقة مسؤولة، يمكن أن تكون وسيلة لتعزيز التماسك الاجتماعي وبناء جسور التفاهم بين مختلف الفئات في المجتمع”.

ويجد القارئ في كتاب “الحرية المستحيلة” تحليلا لمفهوم الحرية وفهومها عبر العصور، وعلاقتها المركبة بالأخلاق والدين “ضابطا، لا عائقا”، وتقديما لمفهوم “الحرية الموجهة نحو الخير العام”، بديلا عن فهم الحريات الذي قد يؤدي إلى “انهيار العلاقات الاجتماعية وتدمير القيم الأساسية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق