«البريكس».. كيف سيعيد مستقبل الكتلة تشكيل النظام العالمي؟

رؤية الاخبارية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
4

في أواخر أكتوبر 2024، ستجتمع دول مجموعة البريكس في مدينة كازان الروسية لعقد قمتها السنوية.

يمثل هذا الحدث انتصارًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث يعزز من مكانة بلاده على الساحة الدولية رغم الجهود الغربية لعزلها. كما يأتي استضافة هذا التجمع الضخم في الوقت الذي يواصل فيه بوتين حربه على أوكرانيا، وفق ما نشرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024.

دول البريكس

مجموعة البريكس، التي تضم في أصلها كل من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، توسعت في الآونة الأخيرة لتشمل دولًا مثل مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة. كما تشارك المملكة العربية السعودية في أنشطة المجموعة، رغم أنها لم تنضم رسميًا بعد.

وتُمثل هذه الدول مجتمعة نحو 35.6% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بالقيمة الشرائية، متفوقة بذلك على مجموعة السبع التي تشكل 30.3% فقط. كما أن دول البريكس تمثل 45% من سكان العالم، في حين أن مجموعة السبع لا تمثل سوى أقل من 10%.

البريكس

البريكس

تشكل النظام العالمي المستقبلي

بوتين سيحرص على استغلال هذه القمة لإثبات أن روسيا، على الرغم من الجهود الغربية لعزلها بعد غزوها لأوكرانيا، ليست دولة منبوذة على الصعيد الدولي، بل هي عضو محوري في مجموعة متنامية تشكل النظام العالمي المستقبلي.

هذه الرسالة ليست مجرد شعارات سياسية، بل تعكس الدور المتزايد الذي يلعبه الكرملين في التعامل مع الدول غير الغربية وتعزيز العلاقات معها بناءً على المصالح المتبادلة والواقعية السياسية. وذلك وفق ما نشرته مجلة فورين أفيرز الأمريكية اليوم 24 سبتمبر 2024.

قمة البريكس في كازان

في سياق تتراجع فيه قدرة الولايات المتحدة وحلفائها على فرض سيطرتهم على النظام العالمي، تسعى العديد من الدول إلى تعزيز استقلاليتها من خلال توثيق علاقاتها مع مراكز قوة جديدة.

البريكس تُعتبر واحدة من أهم هذه الكيانات، حيث يسعى عدد كبير من الدول النامية للانضمام إلى الكتلة كوسيلة لتحقيق توازن بين القوى العالمية، خصوصًا في ظل استياء هذه الدول من النظام المالي العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة عبر مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. تسعى هذه الدول إلى بناء علاقات مع مبادرات ومنظمات غير أمريكية كالبريكس، التي تبرز كخيار أكثر جاذبية وأهمية.

توسع البريكس

منذ تأسيس مجموعة البريكس قبل نحو 15 عامًا، توقعت العديد من التحليلات الغربية انهيار هذه المجموعة بسبب التباينات الكبيرة بين أعضائها والاختلافات الجغرافية والسياسية فيما بينهم.

ومع ذلك، أثبتت المجموعة قدرتها على الصمود، بل وازداد الاهتمام بها من قبل الدول النامية، خاصةً في ظل التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، والحرب الروسية لأوكرانيا الذي تسبب في تغييرات جوهرية في النظام العالمي.

دول مثل إندونيسيا وأخرى عديدة تسعى للانضمام إلى المجموعة، مما يزيد من قوة تأثير البريكس على الساحة الدولية.

تحديات جديدة

ورغم ذلك، فإن توسع المجموعة يجلب تحديات جديدة. إذ يتعين على البريكس التعامل مع الانقسامات الداخلية بين أعضائها. بعض الدول، مثل روسيا والصين، تسعى إلى توجيه البريكس نحو معارضة الغرب بشكل مباشر والنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة.

هذا التوجه تعززه انضمام دول مثل إيران، التي تُعتبر من ألد أعداء الولايات المتحدة. في المقابل، تسعى دول أخرى في المجموعة، مثل البرازيل والهند، إلى استخدام البريكس كأداة لإصلاح النظام العالمي الحالي وتعزيز التعددية، بدلاً من اتخاذ موقف عدائي تجاه الغرب.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

الانقسام الداخلي للبريكس

الصراع بين الفصائل داخل البريكس من شأنه أن يحدد مستقبل المجموعة وتأثيرها على النظام العالمي. في حين تسعى دول مثل روسيا والصين إلى تقويض النظام القائم بقيادة الولايات المتحدة، فإن دولًا مثل البرازيل والهند تميل إلى تبني نهج أكثر اعتدالًا، داعية إلى إصلاح النظام بدلاً من مواجهته.

هذا التباين في الرؤى يعكس الانقسام العميق بين دول المجموعة بشأن دور البريكس في النظام العالمي الجديد.

على الرغم من هذه الانقسامات، تبقى البريكس خيارًا مغريًا للعديد من الدول النامية، حيث يُنظر إليها كوسيلة للتخلص من الهيمنة الغربية الاقتصادية والسياسية. ومع زيادة عدد الدول التي تعبر عن رغبتها في الانضمام، فإن البريكس قد تشهد توسعًا أكبر في السنوات المقبلة، مما سيعزز من مكانتها كأحد أهم اللاعبين في النظام العالمي.

البريكس ودور روسيا

بالنسبة لروسيا، كان تكتل البريكس دائمًا جزءًا مهمًا من استراتيجيتها الكبرى لمواجهة الهيمنة الغربية، وخاصةً منذ ضمها لشبه جزيرة القرم في عام 2014 والعقوبات الغربية التي تلت ذلك. لعبت القمة التي استضافتها روسيا في عام 2015 دورًا محوريًا في تأكيد أن موسكو ليست معزولة، وأنها قادرة على بناء تحالفات جديدة لمواجهة العقوبات والضغوط الغربية.

وفي ظل الحرب المستمرة في أوكرانيا، أصبحت البريكس جزءًا أساسيًا من استراتيجية الكرملين للتعامل مع الضغوط الاقتصادية والسياسية.

نظام مالي جديد

تعتبر روسيا الآن البريكس وسيلة لبناء نظام مالي جديد يمكنه التفلت من العقوبات الغربية. إذ يهدف الكرملين إلى إنشاء نظام دفع بديل يعتمد على العملات المحلية لأعضاء المجموعة، مما يقلل من الاعتماد على الدولار ويجعل من الصعب على الغرب فرض عقوبات مالية فعالة.

ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية تواجه تحديات كبيرة. العقوبات الأمريكية لا تزال تؤثر على دول البريكس حتى تلك التي لا تنوي معاقبة روسيا، مثل الصين، حيث اضطرت العديد من البنوك الصينية إلى التوقف عن التعامل مع نظيراتها الروسية بسبب الضغط الأمريكي.

بالإضافة إلى ذلك، جمد البنك التنموي للبريكس (NDB) جميع مشاريعه في روسيا، مما أظهر أن البريكس لا تزال تعتمد إلى حد كبير على النظام المالي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة. هذا الوضع يبرز الحاجة إلى تطوير البريكس بشكل أكبر ليتمكن من مواجهة التحديات الناجمة عن العقوبات الغربية.

اقرأ أيضًا

إخلاء مسؤولية إن موقع مصر النهاردة يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق