برنامج تأهيل مناطق الفيضانات يدفع المتضررين إلى المطالبة بزيادة الميزانية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

خلف إعلان رئاسة الحكومة، أول أمس الخميس، عن برنامج لتأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات بمبلغ 2,5 مليار درهم ردود فعل مختلفة في صفوف الساكنة المحلية والفعاليات الجمعوية بالمناطق المعنية، حيث حرصت الأخيرة على التعليق على هذه البادرة الحكومية التي تستهدف تجاوز تأثيرات فيضانات الأسابيع الماضية بشكل مستعجل.

وبدا أن التشكيلات المدنية ببعض الأقاليم التي غمرتها السيول الطوفانية الأخيرة تلقت بصدر رحب ما تم الكشف عنه، مثمنة المبادرة لكونها “تأتي في ظرف حساس”، إلا أنها أكدت من جهة ثانية أن “ميزانية 2,5 مليار درهم تظل غير كافية بشكل صريح من أجل إعادة تأهيل هذه المناطق، على اعتبار أنها تحتاج إلى ميزانية كبرى توازي حجم القصور التنموي الذي تعانيه منذ مدة”.

في هذا الصدد كشفت فعاليات جمعوية لهسبريس على أن “السرعة يجب أن تكون عاملا أساسيا في هذا الإطار، بغرض الوصول إلى نتائج نسبية عما قريب”، موضحة أن “الميزانية المرصودة من المهم جدا أن تستهدف أساسا الطرق وشبكات المياه والصرف الصحي والإيواء كذلك”؛ في حين أن طائفة من هذه الفعاليات عبرت عن تشبثها بإقرار بعض المناطق مناطق منكوبة للاستفادة من خيرات صندوق التأمين ضد الكوارث الطبيعية.
2,5 مليار درهم

وكانت الحكومة التي يرأسها عزيز أخنوش كشفت، أمس الخميس، أنها أطلقت برنامجا لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من التساقطات المطرية الاستثنائية بأقاليم الراشيدية وميدلت وورزازات وتنغير وفجيج وتارودانت وجرادة وتارودانت وطاطا وتزنيت وكلميم وأسا الزاك، وذلك عبر ميزانية توقعية تصل إلى 2,5 مليار درهم.

كما ذكرت الحكومة، ضمن بلاغ لها، أنه “سيتم وفقا للبرنامج تقديم الدعم وتوفير المواكبة لإعادة بناء وتأهيل المباني والمساكن المتضررة، وكذا إعادة تأهيل البنية التحتية الطرقية، وشبكات الاتصال والكهرباء والماء الصالح للشرب والتطهير، فضلا عن دعم الأنشطة الفلاحية بالمناطق المتضررة، لاسيما عبر استصلاح الدوائر السقوية الصغيرة والمتوسطة، وتقديم الدعم للكسابة الذين فقدوا مواشيهم جراء الفيضانات، من أجل إعادة تشكيل الثروة الحيوانية في هذه المناطق”.

خطوة مهمة

قال مبارك أوتشرفت، رئيس منتدى “إفّوس” للديمقراطية وحقوق الإنسان بطاطا: “رغم كون مطلبنا الرئيسي الذي مازلنا نتشبث به هو إعلان هذه المناطق، خصوصا طاطا، مناطق منكوبة، إلا أنه لا يمكننا إلا أن نُثمن الإجراء الحكومي المتعلق برصد اعتمادات مالية بواقع 2,5 مليار درهم للاستجابة للخسائر بشكل استعجالي”.

وأضاف أوتشرفت في تصريح لهسبريس: “صرف هذه الاعتمادات المالية لن يكون كافيا من أجل التعامل مع خسائر الفيضانات بعدد من الأقاليم المحددة، خصوصا في ما يتعلق بالبنيات الرئيسية، في وقت كان بإمكاننا أن نستفيد من موارد مالية أكبر يتيحها صندوق مكافحة الكوارث الطبيعية”.

وتابع المتحدث ذاته: “على أي فإن ما تم رصده من قبل الحكومة يجب أن يتم توجيهه إلى تأهيل المنظومة الواحاتية، وتعويض الفلاحين، باستحضار مبدأ الواقعية، على أساس أن تكون هناك في ما بعد برامج أكثر عمقا تستهدف تنمية الأقاليم المتضررة من الفيضانات، التي لم تستفد من برامج تنموية حقيقية على مدار عقود من الزمن، وذلك من خلال تنمية الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للأسر”، مشيرا إلى “تبين

وجود خلل كذلك في التقطيع الترابي، خصوصا على مستوى إقليم طاطا”.
مُحدّثُنا لفت كذلك إلى أن “الدعم الذي حُصر في 2,5 مليار درهم يجب أن يبقى في صيغته الاستعجالية فقط من أجل إعادة التوازن الاقتصادي والاجتماعي بالمناطق المتضررة”، وزاد: “غير ذلك سنبقى دائما أمام منطقة مهمشة تنمويا، على أساس أن نمر خلال المرحلة المقبلة إلى دعم حقيقي للمنطقة عبر خيارات تنمية أكثر نجاعة وفاعلية”.

وأمام تثمينه الالتفاتة الحكومية الاستعجالية أكد الفاعل بإقليم طاطا إصراره “على التشبث بما يقوله الجانب القانوني بخصوص الكوارث الطبيعية، إذ إن إعلان منطقة طاطا مثلا منطقة منكوبة كان بإمكانه أن يضمن حقوق المتضررين والاستفادة من مبالغ تعويضية أكثر”، مؤكدا في الأخير أن “مبلغ 2,5 مليار درهم يبقى تقديريا ليس إلا، لأننا مازلنا في مرحلة إحصاء الخسائر، وهو غير كاف بطبيعة الحال”، على حد تعبيره.
نحو تسريع التدخلات

من طاطا إلى إقليم كلميم، وتحديدا منطقة أمتضي، التي كانت هي الأخرى متضررة من الفيضانات الأخيرة، حيث أكد القاسم الدريوش، من الفعاليات الجمعوية، أن “المجتمع المدني تلقى بصدر رحب الإجراء الحكومي، لكنه متوجس من ناحية ثانية، على اعتبار أن تنزيل بعض المشاريع من قبل مصالح الدولة في بعض الأحيان يتطلب مُدداً طويلة، وهو ما يجب ألا يكون في هذه الحالة، لأننا أمام أضرار كبرى وجب احتواؤها في ظرف وجيز”.

وقال الدريوش، في تصريح لهسبريس، إن “المصالح الكبرى للساكنة هنا عرفت أضرارا بليغة، خصوصا إن تحدثنا عن الصرف الصحي على سبيل المثال، وشبكة المياه الصالحة للشرب، ولا يجب إذن أن يستغرق أي تدخل للدولة في هذا الصدد أكثر من اللازم”، مردفا: “الطرق هي الأخرى تضررت بشكل كبير، ورغم وجود تدخلات في هذا الإطار، نثمنها بالفعل، إلا أننا لم نصل بعد إلى مرحلة ما قبل الكارثة”.

كما لفت المتحدث ذاته إلى أن “الدولة لا يجب أن تكتفي بميزانية 2,5 مليار درهم من أجل الاستجابة للإكراهات التنموية بمختلف الأقاليم المعنية، التي اتضحت أكثر بعد الفيضانات، إذ إن كل المناطق تحتاج إلى برامج هيكلية من أجل بث الروح التنموية فيها بعدما ظلت تفتقدها على مر العقود الماضية”.

التفاتة وتوصيات

من أمتضي إلى إقليم ورزازات، وباقي أقاليم جهة درعة تافيلالت، حيث اعتبر بابا الشيخ، فاعل جمعوي، أن “الميزانية المرصودة من قبل الحكومة في إطار البرنامج الاستعجالي رغم عدم كفايتها بطبيعة الحال إلا أنها تبقى مؤشرا على الاستجابة الحكومية للنداءات المرفوعة في هذا الصدد، بعد هذه الكارثة التي لم نر لها مثيلا قط، وزادت من عمق الأزمة التنموية التي يعرفها الجنوب الشرقي منذ عقود”.

وقال الشيخ لهسبريس: “نؤكد أهمية البرنامج الحكومي، غير أننا نؤكد على ضرورة الوقوف على صرف الميزانية المرصودة حتى تساهم في تأدية الهدف منها. ويجب أن يتم كذلك تسريع تنفيذ محاور هذا البرنامج، مادُمنا على أبواب أيام السنة الباردة”، مردفا: “نرى أن أول محور يجب أن تشتغل عليه الحكومة عبر هذا البرنامج هو إسكان المتضررين الذين لم يعودوا يتوفرون على بيوت، لأن ما حدث لهم مثلا بمنطقة بني صبيح صعب جدا”.

وفي السياق ذاته كشف المتحدث أن “الحكومة يجب أن ترفع من المبالغ المالية المرصودة لهذا البرنامج، لأننا أمام عدد من الأقاليم، بما يمثل مساحات ترابية شاسعة لا يمكن الوصول إلى نتائج إيجابية من عملية التدخل على مستواها إلا إذا كانت الميزانيات كافية”، معتبرا أن “هذه مناسبة من أجل تمكين مناطق الجنوب الشرقي من حقها من التنمية التي لم تستفد منها كما يجب خلال العقود الماضية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق