الغاز النيجيري يهدد مشروعي المغرب والجزائر.. ماذا حدث في 24 ساعة؟

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كشفت أزمة كهرباء حديثة الواقع الحقيقي لقدرة الغاز النيجيري على تلبية طلب مشروعات طموحة ضخمة، بعد أن جذبت احتياطياته مستثمرين من دول عدّة، وأنعشت إحياء مشروعات خطوط أنابيب.

ويبدو أن هذه الطموحات والنظرة الإيجابية للاحتياطيات باتت محل شك الآن، مع تسجيل شبكة الكهرباء انهيارها السادس خلال العام الجاري 2024، مساء الإثنين 14 أكتوبر/تشرين الأول.

ويعدّ واقع الغاز في نيجيريا محيرًا، إذ تتقلص الإمدادات للمحطات محليًا في الوقت الذي تزداد فيه صادرات الغاز المسال لتسجل ترتيبًا قياسيًا.

ورغم ذلك، مع تكرار الانقطاعات، بات من الضروري الإجابة عن تساؤل: "كيف ستوفّر نيجيريا إمدادات الغاز لتلبية الطلب المحلي وتصدير الغاز المسال، وتأمين الإمدادات المطلوبة لخطوط الأنابيب المقترحة مع المغرب والجزائر وغينيا الاستوائية؟".

وفي التقرير أدناه، تستعرض منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) تفاصيل أزمة الكهرباء الأخيرة في نيجيريا، وتداعياتها على خطط إقليمية ودولية طموحة لم تُبصر النور بعد.

أزمة الكهرباء في نيجيريا

تسبَّب ضعف إمدادات الغاز النيجيري لمحطات الكهرباء في توقُّف الشبكة وإغلاقها، إذ يمثّل إنتاج المحطات الحرارية العاملة بالوقود ما يعادل 75% من كهرباء الشبكة.

وساعدت عوامل أخرى في عملية الانقطاع، من بينها: البنية التحتية المتهالكة للمحطات، وما تتعرض له المرافق من تخريب.

ورغم أن إمدادات الكهرباء بدأت في تزويد بعض المناطق تدريجيًا منذ أمس الثلاثاء -عقب توقُّف الشبكة وانقطاع التيار الإثنين الماضي-، ما زال تكرار الانقطاعات وتوقُّف الشبكة يثير غضب المستهلكين وسط مطالبات بالتوصل إلى حل دائم.

طلاب يستذكرون دروسهم في ظل انقطاع الكهرباء
طلاب يستذكرون دروسهم في ظل انقطاع الكهرباء - الصورة من News Central TV

وطالب موزعون الحكومة النيجيرية بالتركيز على منع انهيار الشبكة وانقطاع التيار مستقبلًا، والأخذ بالحسبان التدابير اللازمة لذلك، حسب صحيفة بانش (Punch) المحلية.

وانتقد مواطنون المخصصات الضخمة لقطاع الكهرباء في الوقت الذي تتواصل فيه معاناة الشبكة، مطالبين بإخضاعها للصيانة الدورية والوقوف على أسباب انهيارها بشكل كامل.

ويوم الإثنين 14 أكتوبر/تشرين الأول، تراجع إنتاج الكهرباء من المحطات إلى مستويات صفرية، انخفاضًا من معدل إمدادات مؤخرًا يصل إلى ما متوسطه 4500 ميغاواط.

الصادرات والموارد المحلية

خلال الآونة الماضية، لم يكن الحديث عن انخفاض إمدادات الغاز لمحطات الكهرباء في نيجيريا متوافقًا مع صادرات الدولة الأفريقية من الغاز المسال.

وتصدرت نيجيريا أكبر الدول الأفريقية المصدرة للغاز المسال خلال الأشهر الـ9 الأولى من العام الجاري، متفوقة على لاعبين كبار في المنطقة، مثل الجزائر.

وبلغت صادرات نيجيريا الإجمالية للغاز المسال خلال الأرباع الـ3 الفائتة 11.07 مليون طن، ارتفاعًا من 10.16 مليون طن خلال المدة المقابلة من العام الماضي، وفق بيانات أوردها تقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في الربع الثالث 2024" الصادر عن وحدة أبحاث منصة الطاقة المتخصصة.

وتملك نيجيريا أعلى احتياطيات للغاز الطبيعي في أفريقيا، بنحو 5.943 تريليون متر مكعب نهاية العام الماضي، وفق التحديثات لدى منصة الطاقة.

وتشكّل هذه الإمكانات طوق نجاة لأوروبا في ظل الضغط على أسواق الطاقة العالمية، إذ تقلب الإمدادات وارتفاع أسعارها في أعقاب اندلاع الحرب الأوكرانية.

توسع مستبعد

في خضم أزمة الكهرباء التي ضربت شبكة البلاد بمقتل، والتركيز على زيادة تسييل الغاز الطبيعي وزيادة صادراته كـ"غاز مسال"، باتت مشروعات الغاز النيجيري مع 3 دول أفريقية (المغرب، الجزائر، غينيا الاستوائية) في أزمة تهدد مضيّها قدمًا نحو قرارات الاستثمار النهائية.

وسبق أن توقّع مدير تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) عبدالرحمن صلاح، أن الغاز النيجيري سيواجه صعوبات في مسار عبور مشروع خطَّي الأنابيب مع المغرب والجزائر.

ويرصد الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تطور احتياطيات الغاز في نيجيريا، من عام 1980 حتى 2023:

احتياطيات الغاز الطبيعي في نيجيريا

وأوضح صلاح -خلال إحدى حلقات برنامج "أنسيات الطاقة" في منصة إكس، نهاية العام الماضي- أن التدفقات النيجيرية لا تعدّ كافية لتلبية طموحات الدولتين الأفريقيتين السابق ذكرهما.

وأضاف أن هناك تحديات استثمارية وأمنية تتعلق بالمشروعين، من بينها أن أنبوب الغاز المغربي النيجيري وحده يمرّ بنحو 13 دولة تشمل الرباط وأبوجا.

وأدت هذه العوامل إلى عرقلة التوصل لقرارات استثمار نهائية للخطَّين حتى الآن في 2024، بحسب صلاح.

مشروعات الغاز النيجيري

دخلت نيجيريا في مشاورات حول بعض مشروعات الغاز الإقليمية، وانتهت بعض هذه المناقشات إلى اتفاقيات فعلية مثل مشروع غينيا الاستوائية، في حين ما زال مشروعا المغرب والجزائر يكافحان لإعلان خطوة متقدمة.

أنبوب الغاز المغربي النيجيري

منذ بدء الحديث عن أنبوب الغاز المغربي النيجيري رافقته التحديات والصعوبات، رغم الخطوات التي تعلنها الربط بين الحين والآخر.

وحدّد خبير الهيدروجين والغاز لدى منظمة أوابك المهندس وائل عبدالمعطي هذه التحديات في: التمويل، وصعوبة تأمين عقود الشراء طويلة الأجل لمدد تصل إلى 20 عامًا، ما يشكّل ضمانًا للمطورين.

وأضاف، في تصريحات سابقة، أن طول مسار الخط -البالغ 6 آلاف كيلومترًا- شكَّل معضلة أمام تنفيذه، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل: التنافس القوي في سوق الغاز المسال، وتحديات جذب شركاء دوليين، والتحديات التي تواجه إنتاج الغاز النيجيري، رغم ازدهار الاحتياطيات.

ويُشار إلى أن أنبوب الغاز المغربي النيجيري يمرّ في مساره بـ13 دولة (تشمل الرباط وأبوجا)، وفق خرائط التحديث المتاحة لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

ورغم صعوبة تنسيق مرور الخط بهذه الدول، فإن مسؤولين مغاربة أكدوا أنه يقترب من اتخاذ قرار الاستثمار النهائي بحلول نهاية العام الجاري.

وأنجز الخط مؤخرًا بعض الخطوات، مثل: اجتماعات التنسيق بين الجانبين، وانطلاق عمليات المسح لتحديد مساره في الدول الـ13، انتهاءً في إسبانيا.

ويعوّل المغرب ونيجيريا على الخط لزيادة صادرات الغاز إلى أوروبا، للاستفادة من الطلب المرتفع بعد غياب الغاز الروسي.

أنبوب الغاز الجزائري النيجيري

تعدّ وتيرة تطوير أنبوب الغاز الجزائري النيجيري أهدأ من نظيره المغربي، رغم أنه يتجاوز عقبة "طول المسار"، إذ يصل طول الخط إلى 614 كيلومترًا.

وتطمح الدول المشاركة في مشروع الخط الجزائري نقله 30 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز، وينطلق من نيجيريا إلى الجزائر ثم أوروبا، مرورًا بالنيجر.

وواجه الخط صعوبات حالت دون إظهار أيّ تقدم باتجاه قرار الاستثمار النهائي، في ظل تراجع إنتاج الغاز النيجيري والشكوك حول كفاية احتياطيات أبوجا لتلبية طلب الضخ في الأنبوب، حسب رؤية مدير تحرير منصة الطاقة عبدالرحمن صلاح.

وشكّل انقلاب النيجر وتداعياته صدمة للطموحات الجزائرية، جنبًا إلى جنب مع مشكلات التمويل.

الغاز النيجيري إلى غينيا الاستوائية

في أغسطس/آب الماضي، وقّعت حكومة غينيا الاستوائية اتفاقًا لمشروع استيراد الغاز النيجيري عبر خط أنابيب سيُبنى.

ويمتد هذا الخط من نيجيريا إلى مرافق معالجة الغاز المسال في غينيا، بما يضمن لمنشآت الدولة الأفريقية موثوقية الإمدادات واستمرار التدفق مستقبلًا.

ويغذّي الغاز النيجيري -بموجب الاتفاق- محطة "جي إن إتش" في منطقة بونتا يوروبا بجزيرة بيوكو، التي دخلت حيز التشغيل منذ 17 عامًا، وظلّت لسنوت معتمدة على إنتاج حقل ألبا البحري قبل تراجع إنتاجه.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق