نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بائعو سيارات مستعملة يخدعون المشترين بإخفاء عيوب جوهرية وتلاعب في عداد المسافة, اليوم الأربعاء 11 يونيو 2025 12:22 صباحاً
حذّر خبراء من عمليات تلاعب في قراءة عداد السيارات قبل طرحها للبيع، وإخفاء عيوب جوهرية بطريقة احترافية بهدف خداع المشترين، وصل بعضها إلى بيع مركبات غير صالحة للسير أو التسجيل.
وسجلت محاكم في الدولة قضايا عدة لأشخاص تلاعبوا، بطريقة أو بأخرى، بمركبات باعوها لآخرين اشتروها دون التدقيق أو إجراء فحوص كافية، ثم اكتشفوا لاحقاً أنهم تعرضوا لنوع من الغش أضرهم كثيراً، وأهدر وقتهم وأموالهم، وقضت بفسخ عقود البيع ورد الأموال التي سددها المشترون.
وقال الخبراء إن الإشكالية تكمن في اكتفاء مشترين بإجراء فحص بسيط بغرض توفير قيمة الفحص الشامل الضروري، ويدفعون لاحقاً أضعاف ما حاولوا توفيره بطريقة خطأ.
وأفاد قانونيان بأن قانون المعاملات المدنية، وكذلك أحكام صادرة من محاكم مختلفة تناولت المسؤولية المدنية والجنائية لهذه الممارسات، سواء المتعلقة بإخفاء عيب جوهري، أو التلاعب في البيانات الإلكترونية للمركبة، مثل عداد المسافة أو سجلات الصيانة، السلوك الذي يمكن تكييفه قانوناً كنوع من الاحتيال ويعاقب مرتكبه جزائياً.
وتفصيلاً، رصدت «الإمارات اليوم» محاولات غش متعمدة تمثلت في إخفاء عيوب جوهرية بمركبات، ولجأ الضحايا إلى الجهات الأمنية والقضائية لاسترداد حقوقهم، من بينها سيارة رباعية الدفع اشتراها أحد الأشخاص وأجرى فحصاً لها في إحدى الجهات الحكومية المعتمدة للترخيص، لكن صدم حين أخضعها لفحص لاحق بإمارة أخرى برسوبها في الفحص، وأن فيها عيوباً خفية بالغة توصل إليها خبير هندسي مختص في ميكانيكا السيارات انتدبته المحكمة، منها أن «الشاصي» الخاص بالمركبة تعرّض للقص من المنتصف وأعيد لحامه مرة أخرى، كما ثبت وجود تسريب زيت من المحرك وناقل الحركة (الجير) والمقود، كما تم استبدال الأضواء الأصلية بأخرى تجارية.
وأفاد الخبير بأنه بمجرد قص «الشاصي» الخاص بالسيارة قصاً كاملاً ولحامه مرة أخرى، فإنها لا تكون قابلة للإصلاح، لأن ذلك يستوجب القص والتسخين لقاعدة المركبة، وهي من القطع الثابتة، ومن ثم تعد السيارة في حالة الخسارة الكلية لعدم الجدوى الفنية من إصلاحها، ولا يمكن تسجيلها حسب القوانين المعمول بها في الدولة.
وتابع الخبير أن العيوب المشار إليها في هذه المركبة خفية، ولا يمكن اكتشافها إلا عن طريق الخبرة المتخصصة، وأنها سابقة على شراء المدعي المركبة، ولم يكن على علم بها قبل شرائها.
وفي واقعة أخرى اكتشف شخص من جنسية دولة عربية أن السيارة، التي اشتراها عبر إعلان على أحد المتاجر الإلكترونية الشهيرة، ليست بالحالة التي ادعاها البائع.
وقال المشتري إنه اتفق مع صاحب تلك السيارة على شرائها مقابل 93 ألف درهم، بناء على حالتها وسيرها كيلومترات قليلة مقارنة بسنة الصنع، وأجرى لها فحصاً لدى دائرة الترخيص.
وأضاف أنه اشتبه في حالة السيارة بعد استخدامها فبادر إلى إعادة فحصها لدى الوكالة المعتمدة، ليكتشف أنه تعرض للغش، وأنه تم التلاعب في العداد، وأن السيارة قطعت مسافة تزيد على ضعف العدد المسجل فيها.
فيما لجأ شخص ثالث إلى القضاء بعد أن اكتشف أنه دفع نحو 25 ألف درهم فوق الثمن المستحق لمركبة من طراز «رانج روفر»، عرضها صاحبها عبر موقع تسويق شهير، واكتشف لاحقاً بعد فحصها في الوكالة المختصة، أن البائع تلاعب في عداد السيارة لتكون القراءة 95 ألف كيلومتر بدلاً من 191 ألف كيلومتر، وأتها تعرضت لحوادث سير كثيرة مسجلة لدى أجهزة شرطة مختلفة.
وبالتحقيق في الواقعة، تبين أن مالك السيارة الأصلي، أعطاها لآخر بهدف بيعها لمصلحته، وأن الأخير تلاعب في العداد وخدع المشتري وباعه السيارة بمبلغ 72 ألف درهم، فيما أن ثمنها لا يتجاوز الـ46 ألف درهم.
من جهته، قال مالك أحد معارض السيارات المستعملة عمر المغازي لـ«الإمارات اليوم»، إن التلاعب يحدث بالفعل، وصار متكرراً بعد دخول أشخاص غير متخصصين في مجال بيع المركبات المستعملة.
وأضاف أنه كخبير في هذا المجال يركز أولاً على حالة السيارة قبل التدقيق على عداد المسافة الخاص بها، إذ إن هناك مركبات سارت مسافة أكثر من نظيراتها، لكنها أفضل حالاً، لأن ذلك يعتمد على عوامل عدة، منها آلية القيادة، وسلوك السائق، وما إذا كانت السيارة تعرضت لحوادث من عدمه.
وأشار إلى أنه يستطيع تمييز ما إذا كان هناك تلاعب في عداد السيارة من خلال حالتها الظاهرية، خصوصاً داخل الصالون، فإذا كانت المقاعد مهترئة وعجلة القيادة في حالة سيئة، فمن الصعب أن تقابل ذلك قراءة عداد قليلة.
ونصح باللجوء إلى الوكالة المعتمدة للسيارة أو لجهات الترخيص ومقارنة القراءات السابقة بالحديثة، لأن تاريخ المركبة يكون موثقاً لدى هذه الجهات ويمكن كشف التلاعب من خلالها.
بدوره، قال المحكم والمستشار القانوني محمد نجيب، إن الإفراط في الثقة يعد سبباً رئيساً للوقوع في فخ هذا التلاعب، رغم عدم المعرفة السابقة بين المشتري والبائع، لكن تجد الأول في غالبية هذه الحالات يكتفي بالتقرير الذي يقدمه الآخر عن حالة السيارة ويصدق شهادته فيها.
وأضاف أنه عاين نزاعاً بين شخصين، باع أحدهما الآخر مركبة بـ100 ألف درهم، واكتفى المشتري بكلمة البائع عن جودة السيارة وحالتها الفنية الممتازة، وعدم تجاوز عداد المسافة فيها 70 ألف كيلومتر، وسارع بإتمام الصفقة من دون حتى فحصها من جانبه لدى الوكالة أو مركز فني مختص.
وأشار إلى أن المشتري فوجئ بعد قطع مسافة قصيرة بالسيارة بصدور أصوات غريبة منها، واكتشف أنها قطعت مسافة تزيد على 300 ألف كيلومتر، فضلاً عن تعرضها لحوادث عدة.
وأوضح نجيب أن القانون يوفر الحماية الكاملة لضحايا هذا النوع من الغش والتلاعب، وأنصفت المحاكم الضحايا، لافتاً إلى أن التلاعب في العداد وغيره من هذه الممارسات يصنف باعتباره نوعاً من العيوب الخفية، وهو لا يمكن اكتشافه إلا من خلال خبير، ولا يظهر في التجربة، ومن شأنه أن ينتقص من قيمة المبيع أو يجعلها غير صالحة للاستخدام، ويشترط القانون أن يكون العيب قديماً ومؤثراً ولا يعلم به المشتري، فإذا علم به رغم خفائه، فإن البائع لا يكون ضامناً له.
وبحسب المادة 544 من قانون المعاملات المدنية، إذا ظهر في المبيع عيب قديم كان المشتري مخيراً، إن شاء رده، وإن شاء قبله بالثمن المسمى به، وليس له إمساكه والمطالبة بما أنقصه من عيب.
فيما تنص المادة 555 من هذا القانون على عدم سماع دعوى ضمان العيب الخفي بعد انقضاء ستة أشهر على تسليم المبيع، ما لم يلتزم البائع بالضمان لمدة أطول، وليس للبائع التمسك بهذه المدة إذا ثبت أن إخفاء العيب كان بغش منه، مثل التلاعب في العداد، إذ إنه يحق للمشتري مقاضاته متى اكتشف ذلك، واستطاع إثباته حتى لو تجاوز فترة الضمان.
وقال المحامي الدكتور عبدالله يوسف آل ناصر، إن هذه المنازعات تنشأ عادة عن الغش التجاري والتدليس في سوق المركبات المستعملة، لاسيما في ظل انتشار تقنيات فنية تتيح لبعض البائعين إخفاء العيوب الجوهرية أو التلاعب في بيانات المركبة.
وأضاف أن المشرّع الإماراتي راعى أحكام الضمان في البيع بموجب القانون الاتحادي رقم (5) لسنة 1985 في شأن المعاملات المدنية وتعديلاته، وما تناولته آراء الفقهاء وممارسات المحاكم التي تعد من الثوابت التي يهتدى بها، فالعيب الخفي بالمجمل هو العيب الذي يُنقص من قيمة المبيع، ويكون مستتراً لم يعلم به المشتري، ولم يقدر على الوقوف عليه بالفحص المعتاد.
وأشار إلى أن البائع يضمن العيب الخفي ولو لم يكن على علم به، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك، بشرط ألا يكون البائع قد اشترط براءة ذمته من الضمان على وجه صريح ومشروع. أما إذا كان البائع يعلم بالعيب وسكت عنه، فإن شرط الإعفاء من الضمان يكون باطلاً وتظل مسؤوليته قائمة دون قيد.
وأشار إلى أن من التطبيقات الواقعية التي تناولتها المحاكم الإماراتية، وعُدت عيوباً خفية موجبة للضمان، وأسس بعضها للمسؤولية الجنائية، وجود تصدع غير ظاهر في هيكل السيارة نتيجة حادث مروري سابق، أو تلاعب بعداد الكيلومترات بإعادته إلى الخلف لتقليل المسافة الظاهرة، أو إخفاء حقيقة أن الوسائد الهوائية لم تُستبدل بعد حادث جسيم.
وأوضح آل ناصر أن هذه الممارسات، وإن بدت مدنية في ظاهرها، إلا أنها - من وجهة نظر جزائية - قد تشكّل جرائم قائمة بذاتها وفقاً للقوانين العقابية مثل قانون الجرائم والعقوبات، وكذلك قانون السير والمرور، حسب ظروف ووقائع كل حالة، والتكييف القانوني الملائم لها، سواء شكل هذا التلاعب نوعاً من أنواع التزوير أو العبث بالبيانات الإلكترونية أو سجلات صيانة السيارة رسمية كانت أو غير رسمية، أو تجاوزت إلى تهديد سلامة أو ممتلكات الآخرين.
ومفاد ذلك أن التلاعب في البيانات الجوهرية للسيارة - كإخفاء سجل الحوادث أو تغيير مواصفاتها الفنية أو عدد الكيلومترات المقطوعة - يمكن أن يُكيف على أنه احتيال يعاقب عليه جزائياً، ويعطي للمشتري الحق في تقديم شكوى جزائية أمام النيابة العامة، فضلاً عن التمسك بحقوقه المدنية أمام القضاء.
وعلى صعيد السوابق القضائية، أرست محكمة التمييز في دبي مبدأ مفاده أن التلاعب بعداد المركبة يعد خداعاً ينقض الرضا ويجيز فسخ البيع، سيما إذا رافقه كتمان من البائع رغم علمه بالحالة الحقيقية للمركبة. كما قضت محكمة التمييز في أبوظبي بأن شرط «المركبة تُباع كما هي» لا يُعفي البائع من المسؤولية إذا ثبت وجود عيب جوهري لم يتمكن المشتري من اكتشافه عند الفحص المعتاد، وهو ما يعكس التوجه القضائي المستقر على حماية حسن النية في المعاملات.
خطوات تفادي فخ التلاعب في العداد والعيب الخفي
أوصى المحامي الدكتور عبدالله يوسف آل ناصر باتخاذ ستة إجراءات وقائية، تشمل إجراء فحص فني شامل للمركبة لدى جهة معتمدة قبل الشراء، والتحقق من تاريخ الحوادث عبر قواعد البيانات الرسمية (مثل منصة وزارة الداخلية)، واستخدام عقد بيع مكتوب يتضمن شرط التصريح بخلو المركبة من العيوب الجوهرية، والاحتفاظ بجميع المراسلات والتقارير الفنية كأدلة إثبات. كما يُنصح بتوثيق عملية البيع، لاسيما إذا تمت عبر وسطاء أو منصات إلكترونية، وتقديم شكوى فورية للنيابة العامة عند ظهور أي مؤشرات إلى الغش أو التزوير أو التدليس، وذلك لضمان التحقيق السريع وإيقاع العقوبة على الجهة المتسببة.
خبراء:
• المشترون لا يجرون فحوصاً كافية توفيراً للنفقات، ثم يدفعون الثمن غالياً.
0 تعليق