تقرير مجلس المنافسة: شركات "تستغل" الظرفية التضخمية لرفع هوامش الأرباح

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في سياق رصده التفصيلي لأسباب التضخم، الذي وصل إلى نسبة مرتفعة خلال السنة الماضية، اتهم مجلس المنافسة بعض الشركات المغربية، دون أن يذكر أسماءها على وجه التحديد، بممارسة “الجشع التضخمي” من خلال استغلال “قوتها السوقية” الكبيرة بغرض رفع الأسعار لـ”جني مكاسب من التضخم” عبر لجوئها إلى “الزيادة غير المعقولة” في هوامش الربح.

مجلس المنافسة أكد في تقريره السنوي لسنة 2023، الذي اطلعت هسبريس على نسخته الكاملة، أنه في حين “اقترنت أسباب تضخم 2022 أساسا بالصدمات الخارجية للعرض من خلال أسعار الواردات، التي تسببت في تضخم تكاليف الإنتاج والبيع للمستهلكين النهائيين، ارتبط تضخم 2023 على العكس بسياق مطبوع بتراجع الضغوط التضخمية الخارجية وإن بحدة أقل. وأدى ذلك إلى تأثير عدة محددات على تطوره، لا سيما في تخفيف الضغوط التضخمية المستمرة التي امتدت حتى الأشهر الأولى من عام 2023”.

“جشع تضخمي”

وأضاف مجلس المنافسة، في تقريره المرفوع إلى الملك محمد السادس، أنه تبعا لهذه الوضعية سارت أسباب التضخم المستورد نحو التراجع “بشكل ملحوظ على اعتبار أن التضخم لم يتأثر إلا قليلا بالمكونات المتقلبة، خاصة المواد الغذائية والمحروقات. بيد أن تداعيات الصدمات المناخية على العرض الداخلي للمنتجات الغذائية شكلت عاملا حاسما في التذبذب الظرفي الأسعار بعض المنتجات، وفي مقدمتها الخضر والفواكه”.

غير أن “مجلس رحو” نبّه في هذا السياق إلى أنه “علاوة على صدمات العرض الماكرو- اقتصادية، لا يجب إغفال أنواع أخرى من الصدمات الميكرو- اقتصادية. وتنبثق هذه الأخيرة من قدرة الشركات المتمتعة بقوة سوقية على رفع الأسعار لجني مكاسب من التضخم، لاسيما من خلال الزيادة غير المعقولة في هوامش الربح”.

هذه الظاهرة تعرف في الأدبيات الاقتصادية، وفق التقرير ذاته، باسم “الجشع التضخمي” (cupidflation) . وينضاف هذا المصطلح إلى ممارسات أخرى على حافة الشرعية، والتي أخذت تكتشف في عدة أسواق على غرار “التضخم الانكماشي”(skrinkflation) و”تضخم السلع” (cheapflation).

تفاعلا مع هذا النقطة قال الخبير الاقتصادي محمد جدري إن “الجشع التضخمي يعني استغلال مجموعة من كبار الشركات للظرفية التضخمية من أجل الرفع من الأسعار للزيادة في هوامش الربح، من خلال طريقتين، إما عبر رفع أسعار السلع والخدمات بشكل يفوق الزيادة المسجلة في تكلفة المواد الأولية، أو من خلال الزيادة في أسعار بعض المنتجات والخدمات التي لم ترتفع تكلفة موادها الأولية”، مبرزا أن هذه الظاهرة “تبدت خلال السنتين الأخيرتين، من خلال استغلال العديد من مهنيي بعض القطاعات، على سبيل المثال، زيادات لا تتعدى أحيانا 10 سنتيمات في أسعار المحروقات للزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية بما يفوق درهمين”.

وأوضح جدري، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الظاهرة التي تجهض المنافسة الحقيقية بين الفاعلين، غالبا ما يتم اللجوء إليها من قبل الشركات الكبرى المتحكمة في تحديد السعر المرجعي بالسوق”، مشيرا إلى أن “التحكم فيها يتطلب التقليص من التركيزات الاقتصادية الكبرى ببعض القطاعات كالمحروقات والتأمينات، لأن المتضرر منها بالدرجة الأولى هو المستهلك المغربي”.

الطلب والشروط النقدية

وبخصوص أهم ما رصده من ناحية الطلب خلال السنة الماضية، أورد مجلس المنافسة أن “الانتعاش الطفيف للاستهلاك النهائي للأسر في 2023 شكل خطرا بارزا بالنسبة لضبط التضخم. غير أن مستوياته ظلت أقل من الحد الذي يمكن أن يعكس فائضا في الطلب”، مشيرا إلى أن الارتفاع المعتدل لهذا الاستهلاك أجج الضغوطات الانحسارية للتضخم المرصودة ابتداء من فبراير 2023”. فيما تعززت هذه الضغوطات، وفق المصدر عينه، بفعل “الزيادة في نسبة البطالة والتدهور المستمر للقدرة الشرائية”، وهو ما يتبين من خلاله “العلاقة المعكوسة بين التضخم والبطالة غياب تأثير حلقة “الأسعار والأجور وانعدام احتمالات حدوث دوامة تضخمية”.

وفي تطرقه إلى علاقة التضخم بالشروط النقدية، رصد مجلس المنافسة أن الاتجاه الانحساري للتضخم “تشكل بالرغم من تصاعد وتيرة تداول النقود الائتمانية”، مذكرا في هذا الإطار بالمعطيات التي كشف عنها بنك المغرب بخصوص “ارتفاع احتياجات البنوك من السيولة سنة 2023 لتبلغ 111,4 مليار درهم في المتوسط الأسبوعي عوض 86,7 مليار درهم عند متم 2022″، لافتا إلى أن هذه الوضعية دفعت البنك المركزي إلى “الرفع من وتيرة ضخه للسيولة”.

ولم يستبعد مجلس المنافسة في هذا السياق أن تكون دوافع انحسار التضخم الملحوظ “مرتبطة بتباطؤ وتيرة منح القروض للأسر، والناجمة عن تشديد السياسة النقدية، حيث انخفضت نسبة نموها من 3,6 في 2022 إلى 2 في المائة في 2023، وفقا لبنك المغرب”،

وذكّر مجلس المنافسة، في ختام رصده لمصادر التضخم خلال السنة الماضية، بأن حدة المنافسة تكتسي أهمية بالغة في استقرار التضخم على المدى البعيد لكونها تثبت التضخم في مستوى مثالي لاشتغال الأسواق، مشيرا إلى أن “التضخم ينطوي على مساس محتمل بالمنافسة، ولا يكمن ذلك فقط في مساعدات الدولة، التي ينبغي أن تستجيب لمجموعة من المتطلبات، خاصة الحياد التنافسي والطابع المؤقت، بل أيضا في التنسيق بين الشركات وإبرام الاتفاقات لتحصين الأرباح”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق