طريق الحرير القطبي.. منافسة جديدة بين الصين والهند

رؤية الاخبارية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
1

أصبحت منطقة القطب الشمالي ذات أهمية كبيرة من حيث الاستراتيجية والجغرافيا السياسية والاقتصاد، ولعلم البيئة الحديث دور كبير في القطب الشمالي، فيرفع الوعي العالمي بنظامه البيئي المتميز، ويحذر المناورات الجيوسياسية الجارية.

ولا يكشف الباحثون عن تعقيدات بيئة المنطقة فحسب، بل يقدمون أيضًا بيانات أساسية، والبحث العلمي كان محوريًا في المساعدة على استغلال الموارد الطبيعية الموجودة في المنطقة، وتنفق الدول القطبية الشمالية الملايين لتوثيق حدودها الإقليمية، كما تعمل الدول غير القطبية الشمالية مثل الصين والهند على تعزيز عطاءاتها.

أهمية استراتيجية

القطب الشمالي منطقة غير متطورة إلى حد كبير وغنية بالموارد غير المستغلة والإمكانات الاقتصادية، ومع تقليص تغير المناخ للغطاء الجليدي، أصبح هدفًا رئيسًا للأنشطة الاقتصادية، وتحول سريعًا إلى منطقة حاسمة في الجغرافيا السياسية العالمية بسبب موارده الهائلة غير المستغلة وأهميته الاستراتيجية الناشئة، بحس تقرير نشرته مجلة “أوراسيا ريفيو”، الأربعاء 18 سبتمبر 2024.

وتشير التقديرات إلى أن المنطقة تحتوي على 13% من النفط التقليدي غير المكتشف في العالم، أي حوالي 90 مليار برميل، و30% من الغاز الطبيعي التقليدي، ونحو تريليون دولار من المعادن، ومع تسارع الانحباس الحراري العالمي، فإن احتمال خلو القطب الشمالي من الجليد بحلول عام 2040 قد يفتح طرقًا بحرية جديدة، ما يُقصِّر من وقت السفر بين آسيا وأوروبا.

تكثيف الاهتمام

قالت المجلة الأمريكية إن هذه الإمكانيات دفعت دولًا مثل الصين والهند إلى تكثيف اهتمامها بالقطب الشمالي، سعيًا إلى تعزيز نفوذها الجيوسياسي، ما يؤدي إلى منافسة محتملة في المنطقة، فالصين اتخذت خطوات كبيرة في القطب الشمالي، وعملت على دمج طريق البحر الشمالي مع مبادرة الحزام والطريق، وهي الخطوة التي يشار إليها باسم “طريق الحرير القطبي”.

ويشير طريق الحرير القطبي إلى طرق البحر القطبي الشمالي الصالحة للملاحة التي تربط أمريكا الشمالية وشرق آسيا وأوروبا الغربية عبر الدائرة القطبية الشمالية، فطريق البحر الشمالي، الذي يمر عبر المنطقة الاقتصادية الخاصة لروسيا، يوفر طريقًا بحريًا يتجاوز مضيق ملقا، وهو نقطة اختناق تحيط بها الدول المتحالفة مع الغرب.

ومن شأن هذا الطريق أن يقلل من وقت العبور بين الصين وأوروبا بنحو 40٪ مقارنة بقناة السويس. كما استثمرت الصين بكثافة في سفن كاسحات الجليد، والتي تعد حاسمة للملاحة في مياه القطب الشمالي، حيث تعمل كاسحة الجليد الرابعة، جيدي، على تعزيز قدرتها بشكل كبير على إدارة ومراقبة قنوات القطب الشمالي.

تعزيز الارتباط

أوضحت المجلة أن الهند تأخرت في مساعيها في القطب الشمالي، فركزت سياسة الهند للقطب الشمالي لعام 2022 على الاستكشاف العلمي، وتأثيره على الرياح الموسمية الهندية، إلا أن تقدم الصين حفَّز الهند على إعادة النظر في استراتيجيتها، ورغم أن طريق البحر الشمالي لا يقدم فائدة تجارية مباشرة للهند بسبب جغرافيته، إلا أنه يفرض خطرًا استراتيجيًا من خلال تلاشي نفوذ الهند في منطقة المحيط الهندي.

وأضافت أن الهند سعت إلى تعزيز ارتباطها البحري، وتجسد ذلك في مذكرة نوايا، وقعها رئيس الوزراء ناريندرا مودي عام 2019، لاستكشاف ممر بحري بين تشيناي وفلاديفوستوك في أقصى شرق روسيا، ويعمل هذا الممر كطريق تجاري وتدبير استراتيجي مضاد للوجود المتزايد للصين في القطب الشمالي.

منافسة محتدمة

قالت المجلة إن السباق على موارد القطب الشمالي يعمل على تكثيف المنافسة الجيوسياسية بين الهند والصين، وكلاهما من كبار مستوردي الوقود الأحفوري، فيما تحرص روسيا، التي تخضع لعقوبات شديدة من الغرب، على الاستثمار الأجنبي لتطوير مواردها في القطب الشمالي، والتي تساهم بنحو 20٪ من ناتجها المحلي الإجمالي.

وقد أنشأت الصين بالفعل حضورًا قويًّا في القطب الشمالي الروسي، حيث تعمل 359 شركة مملوكة للدولة مستثمرةً نحو 90 مليار دولار في مشاريع الطاقة والمعادن والغاز الطبيعي المسال، ومع ذلك لا تزال روسيا حذرة من الاعتماد المفرط على الصين، ولجأت إلى الهند لموازنة اعتمادها، وسعت الهند لتكون لاعبًا مهمًا في القطب الشمالي من خلال الدبلوماسية الماهرة والشراكات الاستراتيجية.

مواجهة النفوذ الروسي

أوضحت المجلة أن الولايات المتحدة أكدت باستمرار على وجودها في القطب الشمالي، ما يؤكد مصالحها المهمة في المنطقة، لافتةً إلى أن سياستها في القطب الشمالي لعام 2024، والتي تهدف إلى مواجهة نفوذ روسيا والصين في المنطقة، يمكن أن توفر للهند المزيد من الفرص لتأكيد نفسها كجهة فاعلة مستقلة.

وأضافت أن الهند، من خلال التعامل مع كل من الولايات المتحدة وروسيا، يمكنها تجنب الاعتماد المفرط على أي قوة واحدة والعمل كوسيط بين القوتين في شؤون القطب الشمالي، ما يعزز من أهمية الهند الجيوسياسية ويحافظ على استقلالها الاستراتيجي في المنطقة.

وذكرت أن المنافسة الاستراتيجية الناشئة في القطب الشمالي، والتي تحركها مصالح القوى الكبرى، حظيت باهتمام عالمي، ورغم أن الاستثمارات المبكرة التي قامت بها الصين أعطتها دفعة قوية، فإن الهند تستغل علاقاتها الدبلوماسية والاستراتيجية لمواكبة الركب.

ورغم ذلك فإن المنافسة على الموارد في القطب الشمالي، إلى جانب خطر التدهور البيئي، تشكل تحديات كبيرة، ما سيتيح لمجلس القطب الشمالي دورًا حاسمًا في وضع بروتوكولات واضحة لإدارة هذه المنافسة بما يضمن التنمية المستدامة والسلمية للمنطقة.

اقرأ أيضا

إخلاء مسؤولية إن موقع مصر النهاردة يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق