مواهب مغربية تحتفي بالفرس في الجديدة

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يشتغلون في صمت كبير، أعينهم مشغولة بالمقارنة بين اللوحة الأصلية وما تخطه أيديهم، سواء باستخدام الرصاص أو باعتماد الصباغة المائية. 36 تلميذا هنا بمركز المعارض محمد السادس بمدينة الجديدة يتنافسون على الجوائز المخصصة لأمهر الناشئة المغربية في الفنون التشكيلية.

يشتغل هؤلاء التلاميذ القادمون من 6 أقاليم في ظرف 3 ساعات على أقصى تقدير من أجل القيام بما هو مطلوب منهم في إطار هذه المنافسة الوطنية، حيث تم تكليف كل واحد منهم بإعادة رسم صور فوتوغرافية يتمحور موضوعها المركزي أساسا حول الخيل، انسجاما مع فلسفة وتيمية المعرض الدولي للفرس بعاصمة دكّالة.

لا أحد من هذه الناشئة يكلم الآخر، فكل واحد منهم يعي أهمية هذه المنافسة التي تسعى إلى تثمين المواهب المغربية الصغيرة في مجال الرسم، خصوصا إن كان هذا النشاط التشكيلي يرتبط بالأرض والهوية ويروم تشجيع التعلق بالتقاليد المغربية لدى الأجيال الصاعدة وترسيخها لديها كنوع من الوفاء لهوية الأرض وتاريخها كذلك.

ديمقراطية التحكيم

العنصر النسوي يسيطر في هذه المسابقة، في وقت يحاول الذكور المعدودون على رؤوس الأصابع إبراز مهاراتهم في الرسم بالريشة، وكذا باعتماد أقلام الرصاص؛ فالمهام هنا ليست بالسهلة، إذ إن كل رسمة على حدة تحتاج نوعا من الانضباط والتركيز في التفاصيل، فعليها تركز أساسا أعين لجنة التحكيم.

عبد الرحمان بنانا، عضو هيئة التحكيم فنان تشكيلي وأستاذ بمعهد الفنون الجميلة بالدار البيضاء، يحاول بين الفينة والأخرى تعقب حركات أيدي المشاركين وما تخطه من لوحات، ويسهر على تدوين كل ملاحظاته بناء على لائحة المشاركين التي يتوفر عليها، التي تضم 36 اسما. والعنصر الذي يستند إليه عبد الرحمان هنا بشكل أساسي يتعلق بالديمقراطية.

بنانا كشف لهسبريس أن “الديمقراطية والعدل يجب أن يكونا في خدمة المتبارين على الجوائز”، وزاد: “نحاول أقصى ما يمكن أن نكون عادلين، بما لا يضر أي طرف. في بعض الأحيان يصعب علينا الاختيار هنا إذا ما كان المستوى عاليا، لكن في نهاية المطاف نعتبر أن هؤلاء بأكملهم فائزون ماداموا حاضرين ضمن هذه التظاهرة الكبرى المعنية بشؤون الفرس”.

الإبداع وتيمة الفرس

“اتخاذ الفرس كتيمة للمطلوب من المشاركين في هذه المسابقة رسمه أو محاولة إنجازه هو في حد ذاته اختبار، لأننا نعرف أن رسم هذا الحيوان الأليف ليس بالسهل، لأننا أمام تفاصيل يجب أن تحصل على حقها من الإتقان، مع استحضار الألوان المعبرة بشكل قوي عن الشيء المرسوم، خصوصا بالنسبة للمترشحين في صنف الصباغة”، يقول عضو هيئة التحكيم.

وتشارك ستة أقاليم في هذه المسابقات التي احتضن مركز المعارض محمد السادس أطوارها بمناسبة الدورة الخامسة عشرة للمعرض الدولي للفرس، بما فيها الجديدة كإقليم مُضيف، ثم الرشيدية والقنيطرة وبنسليمان، إلى جانب وزان وبولمان. ويمثَّلُ كل إقليم بستة مشاركين، ثلاثة منهم في صنف قلم الرصاص وثلاثة في صنف الصباغة، في وقت تشرف “هيئة أبوظبي للتراث” على هذه المسابقة كما العادة في السنوات الماضية.

مؤطرون يكافحون التوتر

مع مرور الدقائق وكذا الساعات يزداد توتر المشاركين في التظاهرة، لكنهم يحاولون الحفاظ في نهاية المطاف على هدوئهم، بما يجعلهم يبصمون على أداء جيد، غير آبهين بالعدد المهم من الزوار الذين ظلوا يتابعون أطوار المسابقة ويعلقون باعتباطية على مستوى الأعمال ككل.

هنا يظهر دور المؤطرين، إذ إن كل إقليم يتوفر على مؤطر يحرص على مواكبة 6 تلاميذ. كمؤطرة عن إقليم القنيطرة لا تنفك إيمان فرحاتي تتابع منسوب تقدم تلامذتها في القيام بما كُلّفوا به، وتحاول إرشادهم بين الفينة والأخرى، وتقديم نصائح يمكنها أن تكون ذات مفعول إيجابي.

إيمان، أستاذة الفنون التشكيلية بالثانوية العكسرية بالقنيطرة، قالت لهسبريس: “دور المؤطر جد مهم في هذه المرحلة، حيث نحاول مصاحبتهم وتخفيف بعض الضغط عنهم؛ ونعرف جيدا أن 3 ساعات هي السعة الزمنية المخصصة لهم”، موردة أن “الناشئة تحاول بكل ما أوتيت أن تبصم على أداء جيد في هذا الإطار، إذ إن كل واحد يراهن على الحلول في المراتب الأولى في كلا الصنفين”.

بالقرب من تلامذته كذلك وقف عبد القادر بادو، مؤطر بإقليم الجديدة أستاذ للفن التشكيلي، مراقبا حركات أناملهم وما يخطون من رسومات، ويحاول هو الآخر توفير جو مناسب لهم من أجل الاشتغال بأريحية، رغم ضيق الوقت، حسب ما أكده عدد من المؤطّرين.

بادو قال لهسبريس: “المسابقة تجرى عادة في اليوم الثالث من المنافسات، حيث نحاول أساسا الاشتغال على تيمة الفرس تشكيليا وفنيا، بما يخدم ترسيخ فكرة الاهتمام بالفنون الشعبية والتقاليد المغربية في صفوف الناشئة؛ فمن المهم جدا أن يشتغل هؤلاء التلاميذ على تيمة الفرس، إذ إن أعمارهم تتراوح أساسا ما بين 12 و17 سنة”.

وأردف المتحدث ذاته: “كما هي العادة يتم اختيار 6 مشاركين في نهاية المطاف، ثلاثة منهم يمثلون صنف أقلام الرصاص والثلاثة الآخرون يمثلون الرسم باستخدام الصباغة”، مؤكدا في الأخير أن “أهمية هذه المنافسات تأتي من كونها تتخذ الفرس كتيمة للاشتغال”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق