تحل الانتخابات الرئاسية التونسية، اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024، في اختبار للقيادة السياسية بالبلاد، وسط أوضاع اقتصادية ليست في أفضل أحوالها.

وتأتي الانتخابات التونسية، كاختبار قوي على مدى تعامل الرئيس التونسي قيس سعيد مع مرحلة التقشف وترشيد نفقات الدولة والحد من التوريد، التي دعى لها منذ 3 سنوات، وعمل معها على الاعتماد على الموارد المحلية لدعم الاقتصاد ورفض القروض الدولية.

ضربات متتالية لاقتصاد تونس

تعرض الاقتصاد التونسي لضربات متكررة منذ 2011، وأضرت أزمات داخلية عام 2015 بقطاع السياحة الحيوي وتسببت جائحة كوفيد في 2020 في انكماش الاقتصاد 8.8%، وفق “سي إن إن”.

ووفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء في تونس، فإنه خلال النصف الأول من العام الجاري 2024، ارتفعت نسبة الديون الداخلية من إجمالي الدين العام بشكل كبير لتصل إلى 25% في تونس، وسط إجراءات التشديد المالي.

ارتفاع الدين الخارجي وبطء الاقتصاد

أظهرت بيانات البنك المركزي التونسي في سبتمبر الماضي، ارتفاع خدمة الدين الخارجي بنسبة 46.6%، لتتحول قيمتها إلى نحو 10.3 مليار دينار (3.4 مليار دولار) من مستوى 7 مليارات دينار (2.3 مليار دولار) في سبتمبر 2023.

خلال النصف الأول من العام الجاري 2024، سجل الاقتصاد نمواً متدنياً بنسبة 1%، مقارنة مع 0.3% في الربع الأول وهو نمو اقتصادي ضعيف نسبيا، بحسب بيانات المركزي التونسي.

تحذيرات من العجز المالي

فيما حذر خبراء من مخاطر اقتصادية جراء زيادة حجم الديون التي قد تواجهها تونس بسبب ارتفاع نسبة الديون عن الاحتياطي النقدي والموارد الداخلية للبلاد، ولأنها تؤدي إلى ارتفاع العجز المالي الذي يجعل البلاد عرضة لمزيد من الاقتراض، كما تضغط على السيولة المتوفرة، حيث تتوجه أموال كبيرة لسداد الديون دون قدرة الدولة على توجيهها نحو القطاعات الإنتاجية.

وخلال 8 أشهر من عام 2024، ظل العجز التجاري لتونس مستقرًا وتحسنت فوائض ميزاني الخدمات والدخل، مما ساهم في تقليص العجز الجاري إلى 2.13 مليار دينار، مقابل 3.105 مليار دينار بنهاية أغسطس من العام الماضي، بحسب بيانات البنك المركزي.

أسعار الفائدة والتوظيف في تونس

في آخر قراراته في سبتمبر 2024، أبقى البنك المركزي التونسي نسبة الفائدة دون تغییر مستوى 8%، وفق ما نقلته رويترز في 25 سبتمبر 2024.

قدرت بيانات المعهد الوطني للإحصاء، عدد العاطلين عن العمل في تونس خلال الربع الثاني من عام 2024 بنحو 661.7 ألف شخص مقابل 669.3 ألف شخص في الربع الأول من نفس السنة أي بنقص قدره 7.6 ألف.

ونتيجة لهذا التراجع في عدد العاطلين عن العمل، انخفض معدل البطالة في الربع الثاني إلى 16% مقابل 16.2% في الربع الأول من العام، وفق بيانات نقلتها “سي إن بي سي”، في 16 أغسطس 2024.

مهمة اقتصادية في خفض التضخم

ستكون أحد المهام الرئيسية للرئيس التونسي الذي ستفرزه الانتخابات، هو خفض معدلات التضخم في البلاد مجدد، بعد أن تراجع معدل التضخم السنوي في تونس، خلال أغسطس الماضي، للشهر الثاني على التوالي، مسجلًا 6.7%، بحسب الأرقام التي نشرها المعهد الوطني للإحصاء.

وكان معدل التضخم في يوليو تراجع إلى حدود 7% على أساس سنوي، بدعم هبوط بعض الأسعار منها المواد الغذائية وقطاع الهدمات، بعد أن سجل في يوينو 7.3%.

وفي فبراير 2023، بلغ التضخم قمة 30 عاما عند مستوى 10.4%، بحسب البيانات التاريخية لتضخم أسعار المستهلك المسجلة في البلاد نقلتها وكالة أنباء الأناضول.

رفع التصنيف الائتماني

رفعت وكالة «فيتش» التصنيف الائتماني لتونس في 16 سبتمبر 2024، ما يعكس الثقة المتزايدة في قدرة تونس على تحقيق الاستقرار المالي، ومن ثم جذب المزيد من الاستثمارات ودعم النمو الاقتصادي.

وأوضحت الوكالة أن الإجراء يعكس الثقة المتزايدة في قدرة الحكومة على تلبية احتياجاتها التمويلية الكبيرة.

الانتخابات الرئاسية التونسية

انطلقت عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية التونسية، صباح الأحد 6 أكتوبر 2024، التي يتنافس فيها الرئيس المنتهية ولايته، قيس سعيد، والمرشحان العياشي زمال، وزهير المغزاوي، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء التونسية الرسمية.

وحددت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، توقيتا موحدا لفتح المراكز من الثامنة صباحا إلى السادسة مساء دون اعتماد توقيت استثنائي في أي جهة.

تونس وقرض صندوق النقد الدولي

في مطلع العام الحالي، جدد الرئيس التونسي قيس سعيد، رفضه “لأي شروط أو أي إملاءات من أي جهة كانت”، في إشارة إلى صندوق النقد الدولي، الذي اتفقت معه البلاد في 2022 على حزمة تمويل، لكن الشروط لم تعجب القيادة السياسية التونسية.

وشدد سعيد، على أن الإصلاحات التي تقوم بها البلاد يجب أن تكون إصلاحات وطنية خالصة، تنبع من إرادة الشعب، وفق بيان الرئاسة التونسية وقتها. ودعا سيعد من يسعى لتخليص بلاده من أزمتها، أن “يدعمنا في المقام الأول، وقبل أي دعم أن يحترمنا ويحترم اختياراتنا”.

وقال الرئيس التونسي إن “التجربة أثبتت أن الكثيرين ممن يتخفون وراء ما يسمى بالدعم لا يَزِيدون إلا من تبعية بلادنا ومن معاناة شعبنا، وهو أمر مرفوض على أي مقياس من المقاييس”.

تونس توفي بالتعهدات المالية

في 6 سبتمبر 2024، أكد رئيس تونس، أن بلاده أوفت بكل تعهداتها المالية ولم يقع اللجوء إلى قانون مالية تكميلي بالرغم من الصعوبات والتقلبات التي يشهدها العالم ولأن تونس اختارت أن تعوّل على امكانياتها الذاتية وعلى استقلال قرارها الوطني.

وذكر السعيد، خلال لقاء سهام البوغديري نمصية، وزيرة المالية، أنه يجب الاعتماد على نظام ضريبي عادل، وناقشش وقتها تنفيذ ميزانية الدولة والفرضيات والتوجهات الكبرى لمشروع الميزانية القادمة.