عبد الوهاب زايد .. عالم يحرص على استنبات القيم الإنسانية في واحات النخيل

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يُعد الدكتور عبد الوهاب زايد، الأمين العام لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي ومستشار بديوان الرئاسة بدولة الإمارات العربية المتحدة، واحدا من أهم الشخصيات المغربية، العربية والدولية، التي كرست اسمها في مجرى التاريخ الإنساني الحي بإسهاماته العلمية الفردية والجماعية، الهادفة إلى تكيِّف الأنشطة الزراعية مع نُدرة المياه والملوحة في هذا الجزء العربي القاحل من الكوكب، الذي عُرف بتآكل وتدهور مساحات من تربته الشاسعة وما عرفته من تصحر ناتج عن التغيرات المناخية.

وبصفته كبير خبراء فنيين في منظمة الأغذية والزراعة، فإنه لم يكن يبخل في تقديم استشارات علمية وفنية للعديد من الدول والمؤسسات والمنظمات الدولية؛ مثل النهوض بقطاع زراعة نخيل التمر وإنتاج التمور بالإمارات والعالم العربي.. وما تقليده بلقب سفير النوايا الحسنة من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، روما (15 دجنبر 2015)، إلا اعترافا بأعماله القابلة في فعاليتها للاجتهاد والاستمرار.

فبقدر إشعاعه العلمي وكثافة تجاربه الخصبة في المجال الأكاديمي مقرونا بالعمل الميداني، وما أفرزه من أعمال ومساهمات فردية وجماعية، يأتي التتويج والتكريم والجوائز تباعا، لرجل ساهم ويساهم في تقليب ونشر السماد بالمعنى المجازي من أجل استنبات قيم سياسية واجتماعية وثقافية في تربة كوكبنا لأجل أن ننتقل من التنمية التقليدية إلى التنمية المستدامة حتى نتمكن من العيش بشكل جيد وبانسجام وتوازن مع أمنا الأرض. لذلك، لم يكن حصوله على عدد من الجوائز الدولية اعتباطا؛ بما في ذلك (BR) جائزة سن، وميدالية فخرية من منظمة الأغذية والزراعة وجائزة التميز من المنظمة العربية للتنمية الزراعية، فضلا عن ميدالية جمعية البستنة الأمريكية، وأخيرا وليس آخرا حصوله خلال شهر أكتوبر الجاري على الميدالية الذهبية من جامعة بنازير بوتو بولاية السند في باكستان.

وبهذه المناسبة، قَلَّدَهُ معالي محمد كمران خان تيسوري، حاكم الولاية، بحضور معالي مراد شاه، رئيس وزراء ولاية السند، وسعادة الأستاذ إبراهيم سالم الزعابي، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى إسلام أباد.. والميدالية الذهبية هي نظير ما قدمه عبد الوهاب زايد من جهود ساهمت في تنمية وتطوير قطاع زراعة النخيل وإنتاج التمور في العالم.

وتقوم فلسفة صاحب مؤلف “نخيل التمر”، الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، في مقاربتها العلمية، على آلية التنمية النظيفة، والتي كان لها الأثر البارز على قطاع النخيل في العديد من البلدان، مدشنة مرحلة جديدة في هذا المجال، زراعة وإنتاجا وصناعة للتمور، تعكسها منجزات ومبادرات تحمل بصمته العلمية والمهنية، وكذا دولة الإمارات العربية المتحدة، التي احتضنته، وساهم في تحقيق رؤية قيادتها الرشيدة وتعزيز موقعها الريادي في تنمية وتطوير قطاع زراعة النخيل وإنتاج التمور والابتكار الزراعي وطنيا وإقليميا ودوليا.

ولأن صاحب كتاب “تكنولوجيا زراعة وإنتاج النخيل” يؤمن بأن العالم يتغير، ويتطلب إعادة التخطيط، الذي يعني التغيير، حمل إلى بلده الأم المغرب رهانا محددا بالثقة والجودة، تمثل في “مشروع مراكش لنخيل التمر”؛ هذا المشروع الذي ساهمت فيه خبرات وطنية ودولية على مدار عقد من الزمن، مشروع منح الحياة لشجرة النخيل في الواحات.. وليست تلك ميزته الوحيدة؛ بل تَكْمُنُ قوته في التطبيق العملي والفعال لأنظمة الجودة ومعايير التميز، وهي الشروط التي جعلته يحظى باعتراف دولي ويحوز على شهادة (ISO9001) من لدن شركة (TUV) وهي من أعرق المؤسسات الألمانية المانحة لشهادات الجودة للبرامج والمشاريع المستدامة على المستوى العالمي.

يشتمل المشروع على بنية تحتية قوية تضم مختبرا على مساحة 850 مترا مربعا معقما بالكامل وأربع غرف للنمو والحضانة سعة كل واحدة 90 ألف نبتة، بالإضافة إلى ثماني عشرة محطة من محطات سير العمل بالمختبر، تضم أجهزة العزل الجرثومي ومرافق لتقوية الشجيرات (بيوت محمية ومشاتل لتقوية النخيل المنتج)، من أجل الحفاظ على جودة الشتلات وفق أرقى المواصفات العالمية.

نذكر منها، حسب ما ورد سابقا في بلاغ صحافي صادر عن الشركة، “شتلات خالية من الأمراض، ونسبة نجاحها تصل 100 في المائة دون فَقْدٍ أو تَلَفْ، سريعة النمو، مبكرة الإثمار، غزيرة الإنتاج، ولا تحتاج إلى كمية كبيرة من الماء؛ فضلا عن سهولة النقل لصغر الحجم وقلة الوزن، والمتابعة الجيدة للأشجار التي يتم توزيعها، وتسليم دليل فني دقيق للمزارعين يوضح كيفية الخطوات الواجب اتباعها من وقت التسليم حتى غرسها وما ينبغي اتباعه لاحقا”.

ويحتل صنف “المجهول”، القريب إلى قلب عبد الوهاب، موقعا مهما ضمن هذا المشروع، وهو الذي أمضى ردحا من الزمن إلى جانب ثُلة من الباحثين العلماء والشخصيات الكبيرة في مواقع المسؤولية للبحث عن أصله ومنشأه، ليُثبتوا من خلال دراسة عينات من صنف المجهول اختيرت من بقع جغرافية دولية مختلفة، ليصلوا إلى نتيجة كونه مغربي الأصل والنشأة، وتم إدراج مختلف نتائج هذه الأبحاث في كتاب أشرف على إعداده زايد بنفسه، تحت عنوان “المجهول دُرة التمور”، الصادر عن جائزة خليفة لنخيل التمر والابتكار الزراعي، والذي تمت ترجمته إلى حد الآن إلى أربع لغات (العربية، الإنجليزية، الفرنسية، والإسبانية).

رد الاعتبار لدُرة التمور من لدن عبد الوهاب زايد لقي استحسانا وتنويها من الملك محمد السادس، الذي شَرَّف العالِم برسائل تميز وإشادة عديدة، كما نال شرف تقديم أحد الدروس الحسنية بين يدي جلالته بعنوان (النخيل في القرآن والسنة).

Screenshot

عود على بدء، وهو المُحَمَّل بتجارب دولية رائدة وخلفية علمية أكاديمية متينة تتعلق بعلوم المحاصيل والبستنة والهندسة الزراعية في شتى فروعها، سيجد عبد الوهاب زايد في مؤسسة “جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي”، التي شارك في تأسيسها وعُيِّنَ أمينا عاما لها بمرسوم اتحادي من رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، السند ومختبر الأفكار، القائمة على طرائق أخرى للتفكير للبناء وعلى تنمية تعاون إقليمي ودولي، لأجل التجديد ومعاودة التخطيط اعتمادا على الابتكار من أجل مستقبل زاهر للشجرة المباركة التي تشكل إرثا إنسانيا، كان من ثمراته مشاريع ومبادرات قامت وفق خطوط ثابتة، قابلة للإنجاز على مراحل، وفق نتائج قابلة للقياس. ويمكن هنا العودة إلى الكتاب الصادر عن المؤسسة والمتوفر على موقع مكتبتها، وهو تحت عنوان: “دراسة متكاملة للإنجازات والآثار المتعددة لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي على المستويين المحلي والإقليمي 2021”.

الكتاب يشير، في أبرز خلاصاته، إلى أن البلدان المنتجة للتمور تتخذ بالفعل خطوات مشجعة ومتسارعة نحو تبني الاقتصاد البيولوجي الدائري الحيوي، والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي. وبما أن الجائزة تغطي مجالات عديدة، فإنها شكلت لبنة للتعاون من أجل النهوض بالواحات وبزراعة النخيل، جاعلة من مهرجانات التمور، التي سهرت على تنظيمها وهي حوالي 53 مهرجانا في 7 دول، محطات لتوقيع شراكات تفاهم للنهوض بالقطاع في مناحيه المختلفة، وشكلت تراكما تمكن من خلاله صاحب كتاب “البصمة الكربونية لنخيل التمر” من إقامة علاقات دولية قوية بين جهات الاختصاص في الدول العربية والمنظمات الدولية ذات العلاقة بزراعة النخيل وإنتاج وزراعة وصناعة التمور (. ICARDA. UNDP. ICBA. UNIDO. IFAD. FAO،(DPGN .

وفي السياق الدولي عينه، نَظَّمَ عبد الوهاب مؤتمرا دوليا رفيع المستوى لوزراء الزراعة في الدول المنتجة للتمور، لوضع استراتيجية إطارية لاستئصال سوسة النخيل الحمراء بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ووزارة التغيير المناخي والبيئة بالإمارات العربية المتحدة، استضافته العاصمة أبوظبي خلال السنوات (2019 و2024). تُوِّجَتْ بإعلان أبوظبي الأول والثاني، حسب السنوات المذكورة، الخاص بمكافحة سوسة النخيل الحمراء، وإعلان أبوظبي الثالث بشأن “الهيئة الدولية للتنمية المستدامة للواحات”.

لقد امتد اشعاع ونشاط جائزة خليفة لنخيل التمر والابتكار الزراعي إلى 59 دولة من دول العالم، بوضع بصمة ثقافية على جوائز “جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي”؛ وذلك لتشجيع الاحتفاء بشجرة النخيل من خلال فن الصورة وفن الشعر، لأن المشرفين على الجائزة يؤمنون بمزايا الثقافة المنتمية إلى الاقتصاد البنفسجي، في إنتاج قيم تُساهم في خفض استهلاك الموارد وخفض التلوث البيئي، وفائق محتويات التكنولوجيا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق