نقدى أم عينى؟

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هَذَا رَأْيِى

الثلاثاء 15/أكتوبر/2024 - 09:31 م 10/15/2024 9:31:33 PM

ما يميز حكومات بعد ثورة ٢٠١٣ عن كافة الحكومات التى حكمتنا منذ ثورة يوليو ٥٢، هو نهم الحكومة فى الاقتراض والاستدانة من كافة الجهات الخارجية والداخلية حتى وصل بهم الحال إلى الاستدانة للحصول على شهادة تكون مسوغ لاستدانة أخرى.. من أهم الجهات التى امتدت يد هذه الحكومات هو الاقتراض بسبب وبدون سبب من صندوق النقد الدولى.. وما هو معروف عن هذا الصندوق وداعميه ومموليه وتوجهاته أن فى معظمها توجهات سياسية قبل أن تكون اقتصادية، ويصفه البعض بأنه آفه ومرض عضال إذا تمكن من جسد لا يتركه إلا بعد يقضى عليه وينهكه ويذل شعوب هذه الدول قبل حكوماتها.. معظم من امتدت يدهم إلى هذا الصندوق أعلنوا إفلاسهم بعدما باعوا كل ما يملكون ولبوا كل مطالب الصندوق التى لا قلب لها ولا رحمة فى سلوكها ومدى قسوتها على شعوب هذه الدول والتى غالبا ما تكون شعوب فقيرة عجزت عن توفير متطلبات معيشتهم و يذوقون الأمرين فى توفير لقمة العيش وأبسط متطلبات الحياة الكريمة.. جُل مطالب الصندوق هو رفع الدعم عن الطبقات الاجتماعية الفقيرة وكيفية التخلص من هذا الدعم والذى يتمثل فى تحمل الحكومات جزءً من تكلفة بعض السلع والخدمات الضرورية التى تُقدم للمواطنين.. الحكومة الحالية فى الوقت الحالى جُل اهتمامها هو كيفية التخلص من عبء الدعم. حيث كثر الحديث مؤخرا عن تحويل الدعم العينى إلى دعم نقدى.. هذه الحكومة قد تفوقت على ما سبقتها من حكومات بتنفيذها لتعليمات صندوق النقد الدولى حرفيا وبدون تردد، مسترشدة فى هذا التوجه بتجربة دولتين من دول العالم نجحت فى تحويل الدعم العينى إلى دعم نقدى وهما البرازيل والمكسيك التى نجحت فى التحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدى عبر ثمان سنوات.
مصر والشعب المصرى وطبيعته وظروفه المعيشة وهويته الوطنية تختلف كثيرا عن شعوب هاتين الدولتين.. فالحديث عن أنه يمكننا تطبيق التجربة فى مصر أشبه بالمريض الذى يتناول دواء لمريض آخر تحسنت صحته وخف مرضه نتيجة تناول هذا الدواء، ناسيا ظروف مرضه وحالته وأن إقدامه على تناول هذا الدواء قد ينجح أو لا ينجح وقد يكون سببا لمشاكل أخرى يصعب علاجها لكونه تناول دواء دون تشخيص لحالته وظروفه.. فمصر تختلف عن هذه الدول وأنه مع غياب وعدم وجود قاعدة بيانات دقيقة وصادقة عن مستحقى الدعم سوف ندخل فى متاهة التحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدى.
حجة الحكومة أن هناك نحو ٣٠٪ من الدعم العينى تذهب لغير المستحقين وما يدرى الحكومة وما ضماناتها أن الدعم النقدى يصل لمستحقيه؟، فى ظل عدم وجود قاعدة بيانات دقيقة وحقيقية لمستحقى الدعم.. أى نظام له عيوبه ومميزاته علينا أن ندرس العيوب و نصححها للوصول إلى أفضل النتائج بدلا من تجربة نظام جديد محفوف بالمخاطر؛ فى ظل عدم وجود ثقة بين المواطنين والحكومة والتى تأكلت عبر هذه السنين حتى وصلت إلى مقولة «لقد نفذ رصيدكم».
ويبقى السؤال: هل إعطاء الدعم النقدى يكون لكل من يطلبه؟ وهل هذا يضمن وصول الدعم لمن يستحقه فعلا، ولا يتسرب لغيره ممن لا يستحقه؟
فحقيقة الأمر أن الدعم العينى الجارى قد أصبح الآن وهم كبير، فمن المؤكد أن الدعم النقدى المزمع التحول إليه سوف يكون وهما أكبر.. علينا أولا تشخيص المرض وبيان أسبابه، والاتفاق على تعريفه؛ ثم حصر الفقراء وكيفية الوصول إليهم، ثم وضع السياسات والآليات لتحسين أحوالهم ودعمهم بضمان اجتماعى جيد وزيادة مستوى تعليمهم ورفع قدراتهم الإنتاجية ومن ثم زيادة نصيبهم من الدخل القومى وبالتالى رفع مستوى معيشتهم فهذا هو المطلوب بدلا من اللجوء للمجهول وما لا يحمد عقباه.
[email protected]

إخلاء مسؤولية إن موقع مصر النهاردة يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق