مركز ينادي بمناظرة وطنية للدبلوماسية الموازية في قضية الصحراء المغربية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مُلتقطا سريعا دعوة الملك محمد السادس في خطاب افتتاح الدورة الخريفية من السنة التشريعية الرابعة الجميع إلى المرور نحو مرحلة المُبادرة والاستباقية في قضية الصحراء المغربية، باستثمار كافة قنوات الدبلوماسية الرسمية وغير الرسمية، دعا المركز المغربي للدبلوماسية الموازية إلى مُناظرة وطنية في مجال الدبلوماسية الموازية، من أجل فتح مجال للتفكير والنقاش بشأن كيفية توحيد جهود الجهات المدنية والحزبية والمنتخبة في الدفاع عن قضية الصحراء المغربية.

أعضاء المركز الذي التأموا في اجتماع الدورة 22 لجمعيته العمومية، المنعقدة بمقره في العاصمة الرباط، تحت شعار “أية خطة عمل وطنية لمواكبة الدينامية المتجددة التي يعرفها ملف الصحراء؟”، أبرزوا أن إسناد الدبلوماسية الرسمية في مُنعطف التغيير الذي دخلته القضية الوطنية، كما أكد الملك، يفرض القطع مع مرحلة “المبادرات المشتتة” التي تتخذها عدد من الجمعيات والهيئات غير الرسمية تحت يافطة ممارسة الدبلوماسية الموازية ترافعا عن مغربية الصحراء؛ مؤكدين أن “المرحلة بحاجة إلى فصل الأدوار في هذا المنعطف بين الدولة، بمختلف مؤسساتها المعنية بالسياسة الخارجية، وبين مختلف الفاعلين المعنيين بالدبلوماسية الموازية، وعلى رأسهم المجتمع المدني؛ وهو ما ستنشد المناظرة المقترحة تحقيقه”.

وفي بسطهم الرهانات الموضوعة على هذه المناظرة شدد المعنيون في مداخلاتهم على ضرورة أن “ُتدعو إلى مُسايرة حسم الملك في أن المرحلة الجديدة تقتضي انتقاء الأكفاء والمطلعين على كافة حيثيات وخبايا الملف القانونية والسياسية والتاريخية”، مؤكدين أن “المبادرات والجهود المتخذة في مجال الدبلوماسية الموازية يجب أن تنتقل من نفق البوليميك، أي الرد على دفوعات الجزائر والانفصاليين، إلى تسويق الحل الذي اقترحه المغرب، أي الحكم الذاتي، للمجتمع الدولي”.

“حاجة إلى النجاعة”

عبد القتاح البلعمشي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية، توقف في كلمته الافتتاحية للجمعية العمومية عند دواعي هذه المناظرة الوطنية، قائلا إن “المغرب غداة الإنجازات المتوالية التي راكمها على مستوى قضية وحدته الترابية تحوّل، كما أكد جلالة الملك محمد السادس، من مرحلة تدبير هذا النزاع المفتعل إلى مرحلة التغيير؛ وعلى هذا الأساس ينبغي أن يطال التغيير طريقة اشتغال فعاليات المجتمع المدني على هذا الملف حتى تواكب بشكل فعال ما أثمرته جُهود الدبلوماسية الرسمية من اعترافات بمغربية الصحراء ودعم متسع لمخطط الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية المغربية”.

وأوضح رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية أن “الرهان خلال هذه المرحلة الجديدة على فعالية ونجاعة أدوار المجتمع المدني في الترافع عن قضية الصحراء المغربية يجعل من غير المقبول تكرار جمعيات وهيئاته المبادرات السابقة، أو قيام كل واحدة منها بخطوات فردية وغير منسقة تحت يافطة ممارسة الدبلوماسية الموازية”، مُسجّلا أنه “عوّضا عن التشتت وعدم الالتقائية نحتاج لغة وإستراتيجيات موحدة في مواجهة إكراهات الترافع عن قضيتنا الصحراء المغربية من أجال دعم وإسناد الدبلوماسية الرسمية في هذا الإطار”.

من هذا المنطلق أورد بلعمشي أن “المركز يدعو إلى مُناظرة وطنية في مجال الدبلوماسية الموازية، وهو يضع نفسه رهن الإشارة لأجل إنجاح هذا المقترح؛ بدءا من التواصل مع مختلف الجهات الرسمية والفعاليات والديناميات الحزبية والحقوقية والمدنية المعنية بهذا الموضوع”.

وأبرز المتحدث خلال الحدث ذاته أن “هذه المناظرة ستروم توضيح وشرح مفهوم الدبلوماسية الموازية وطرق ممارستها، وكذا فصل الأدوار في مجال الترافع والدفاع عن قضية الصحراء المغربية بين الدولة، بمختلف مؤسساتها المعنية بالسياسة الخارجية، وبين مختلف الفاعلين المعنيين بالدبلوماسية الموازية، وعلى رأسهم المجتمع المدني”، مُوضحا أنها “تروم التأكيد على أن الدبلوماسية الموازية الفعالية تقوم على خطوات ملموسة ومدروسة وقادرة على إيقاف قرار يمكن أن يمس بالوحدة الترابية للمغرب، وكذا على انتزاع وجلب قرارات تصب في صالح القضية الوطنية”.

حسم ملكي

من الديناميات الصحراوية العضو والناشطة بالمركز زينبة بن حبو، التي قرأت “بين ثنايا الخطاب الملكي الذي خصصه العاهل المغربي بالكامل تقريبا لقضية الصحراء المغربية دعوة ملكية إلى تغيير السياسات والإستراتيجيات التي تتبعها المملكة في هذا الملف من دفاعية إلى هجومية؛ بالنظر إلى أن الإنجازات التي حصدتها فيها تؤهلها للهجوم بدل الدفاع”، مُبرزة أن “المناظرة التي يدعو إليها المركز يجب أن تكون مناسبة للدعوة لرص الصفوف وتوحيد الجهود والخطوات المتخذة بين مختلف الفاعلين لأجل الدفاع عن الموقف المغربي في القضية الوطنية”.

وشددت بن حبو، خلال مداخلتها ضمن الحدث ذاته، على أن “الملك حسم في خطابه في ضرورة اختيار أشخاص أكفاء ومتخصصين ومطلعين بعمق على المسار القانوني والسياسي والتاريخي لقضية الصحراء المغربية، من أجل شرحه وبسطه والدفاع عن الموقف المغربي فيه بما يمكن من تسريع طيه وإغلاقه بغير رجعة في أقرب وقت ممكن؛ ولذلك ينبغي على المُناظرة الوطنية أن تدعو إلى التركيز على التخصص والمعرفة الكافية بالملف كشروط لا غنى عنها للترافع عن الموقف المغربي، بالنظر إلى أن العديد من الهيئات المدنية كانت تشتغل على الملف دون بيّنة أو اطلاع كاف عليه”.

وأكدت المتدخلة ذاتها أن “شروط طي الملف باتت ناضجة ومكتملة”، مردفة: “هناك اعتراف من لدن دول عظمى بمغربية الصحراء، على رأسها الولايات المتحدة وفرنسا، العضوان الدائمتان في مجلس الأمن الدولي، وهناك عشرات القنصليات من دول عديدة، بما يشكل اعترافا بشرعية السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية”، ومبرزة أن “المغرب تجاوز مرحلة الرد على الدفوعات الجزائرية المجافية للوحدة الترابية؛ فهو بالنظر إلى هذه التطورات في موقع قوة يفرض ترسيخه على جميع المكونات بالمملكة أن تستوعب الرسالة الملكية المشددة على ضرورة استثمار المنجزات”.

من جهته أوضح مراد الرايثي، عضو المركز المغربي للدبلوماسية الموازية، أن “من بين ما يجب أن تركز عليه جُهود الجهات الفاعلة في مجال الدبلوماسية الموازية، وعلى رأسها المركز، استقراء التقارير والقرارات الصادرة عن المؤسسات الدولية الأممية من أجل إما البناء عليها أو تصحيح المغالطات الواردة فيها”، ذاكرا أن “مشروع القرار الذي أعد في اللجنة الرابعة وتقدمت به للتصويت، على سبيل المثال، تضمن مجموعة من المؤشرات الواجب استثمارها والتقاطها من قبل ممارسي الدبلوماسية الموازية للترافع عن قضيتنا الوطنية؛ إذ على مستوى المصطلحات وظّف ‘النزاع’ بدل ‘الاستعمار’، وأشار إلى الجزائر كطرف في النزاع على خلاف ما ظلّت تدعيه، فضلا عن الإحالة على قرارات مجلس الأمن ما بعد سنة 2007؛ هذا التاريخ الذي يشكل رمزية بالنسبة للمغرب لأنه بعده جرى استبعاد الاستفتاء وطرح تقرير المصير”.

في المقابل، يضيف الرايثي في مداخلته، فإنه “مازال يجب العمل بقوة على تصحيح المغالطات والمعطيات المجانبة للحقائق الصادرة عن لجنة القضاء على التمييز العنصري وحقوق الإنسان، وتغيير وجهات نظرها لصالح الطرح المغربي”، مبيّنا أن “المركز وهو يدعو إلى توحيد الجهود ومأسسة الدبلوماسية الموازية إنما يبين أنه انتبه إلى ملحاحية التدخل في هذا الجانب”.

“تسويق الحكم الذاتي”

عبد الواحد درويش، مستشار مكلف بالدبلوماسية البرلمانية لدى البرلمان المغربي، قال إن “وضع مخطط وطني لتنسيق وتأطير جهود الدبلوماسية الموازية في معركة الدفاع عن القضية أمر جد صعب؛ ما لم يكن محل تشاور ودراسة بين مختلف الفاعلين والمتدخلين في مجالات الدبلوماسية بالمغرب، سواء وزارة الخارجية الممارسة للدبلوماسية الرسمية أو البرلمان أو الأحزاب وهيئات المجتمع المدني الممارسة للدبلوماسية الموازية”، موُضحا أن “المناظرة الوطنية التي يصبو إليها المركز هي الوحيدة الكفيلة بالتأسيس للتنسيق بين هؤلاء بناء على ما تحدده اتفاقية فيينا ومختلف النصوص والاتفاقيات المؤطرة لمجال الدبلوماسية”.

وأكد درويش، خلال مداخلته في الجمعية العمومية للمركز، أن “الملك بحديثه عن الانتقال من التدبير إلى التغيير يريد إرسال رسالة واضحة بأننا لم نعد في مرحلة رد الفعل، بل في مرحلة الفعل”، شارحا أن “المغرب وضع مقترحا عمليا للخروج من نفق البوليميك في هذا الملف القائم على التمسك بتصورات واهية من قبيل ‘الاستعمار’ و’الاحتلال’، وغيرها، التي لو أوقفنا النقاش في هذا الملف عندها لما تم طيه ولو انتظرنا مائة سنة أخرى”، وموضحا أن “عدم الحل هو ما يريده خصوم وأعداء الوحدة الترابية، سواء الجبهة الانفصالية أو الأطراف الداعمة لها”.

وبيّن المستشار ذاته أن “المغرب بقيادة الملك محمد السادس حاول تسويق هذ الحل، من خلال مخططات ومبادرات مهمة، آخرها المبادرة الأطلسية لتمكين دول الساحل من منفذ على المحيط الأطلسي؛ ولذلك فإن الجهود التي يقودها الفاعلون في مجال الدبلوماسية الموازية يجب بدورها أن تنصب على تسويق الحكم الذاتي عوض الدخول في دوامة البوليميك مع الطرف الآخر؛ خاصة أن المجتمع الدولي برمته سئم هذه الدوامة وهو يريد حلا”.

من جهته طالب عبد الفتاح الثقة، عُضو المركز المغربي للدبوماسية الموازية، بـ”وضع خطة من أجل إشراك الجماعات الترابية بمختلف أنواعها، من جهات وعمالات وأقاليم وجماعات محلية، في الدفاع عن قضية الصحراء المغربية؛ فرغم كون القوانين التنظيمية للجماعات أتاحت لها التعاون الدولي مع الجماعات الترابية فإن هذا التعاون مازال مُقتصرا على عمليات التوأمة أو اتفاقياتت التعاون في مجال التكوين أو البيئة، إلخ، ولا يشمل ممارستها الدبلوماسية الموازية”.

وأوضح الثقة أن “الجهات على وجه التحديد لديها العديد من الاتفاقيات والشراكات مع العشرات من الجماعات الأوروبية والإفريقية؛ ولذلك وجب استثمار هذه العلاقات في الدفاع عن قضية الصحراء المغربية، من خلال وضع خُطة على هامش المناظرة التي يدعو إليها المرصد، من أجل تكوين المنتخبين وإطلاعهم على مختلف المعطيات القانونية والسياسية والتاريخية المتعلق بالملف، وتمكينهم من سُبل التعامل مع جماعات كل دولة على حدة، استنادا إلى موقفها من النزاع المفتعل”.

" frameborder="0">

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق