مؤمن الجندي يكتب: كيف سقط نادي المليار؟

الفجر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

عندما يختلط اللمعان بالخداع، تختفي الحقائق وراء الأضواء الساطعة، وتظهر قصص لا تُروى إلا في الصمت.. هناك حيث تلتقي الأحلام بالوعود الزائفة، وتفشل العدالة في تقديم حقها، تظهر القصة التي كان من المفترض أن تكون حكاية نجاح، ولكنها تحولت إلى درس قاسٍ عن الاستغلال والخذلان.

في قلب القاهرة، حيث الأضواء الساطعة تُخفي أحيانًا الظلال الداكنة، كانت هناك ثلاث لاعبات أفريقيات قدمن إلى نادي شهير بحلم كبير، كان الوعد مغريًا فرصة للتألق في الملاعب المصرية، راتب مجزٍ، وبيئة احترافية تليق بطموحاتهن.. لكن الحقيقة كانت شيئًا آخر تمامًا.

مرت ثلاثة أشهر دون أن يصل لهن أي راتب.. في البداية، تحلين بالصبر، فربما كانت هناك أخطاء إدارية! لكن مع مرور الوقت، تحول الصبر إلى قلق، ثم إلى إحباط.. بعد مباراة شاقة مع أحد الفرق الكبرى، مرضت إحدى اللاعبات، وظنت أن النادي سيهتم بها كما يليق بفريق محترف، لكن مرت الأيام، والأسابيع، والشهور، ولم يهتم أحد، تُركت اللاعبة تصارع مرضها بمفردها، بلا دعم أو علاج.

في شققهن الصغيرة التي وفّرها النادي، واجهت اللاعبات واقعًا أكثر قسوة.. لم يكن هناك طعام كافٍ، ولا مال لشراء الاحتياجات الأساسية! حتى الإنترنت، نافذتهن الوحيدة للتواصل مع عائلاتهن في أوطانهن، كان منقطعًا.. لم يعد بإمكانهن سوى الانتظار في صمت، بينما الأيام تمر بثقل لا يطاق.

حينما فقدن الأمل، قررن العودة إلى بلادهن.. لكن العقبة الأخيرة كانت أشد قسوة! النادي رفض دفع ثمن تذاكر الطيران.. شعرت اللاعبات وكأنهن محاصرات في قفص بلا مخرج، حيث الحلم الذي جئن من أجله تحول إلى كابوس لا ينتهي.

من ميدان العدالة إلى ساحة الاستغلال

على الجانب الآخر من نفس النادي، كان هناك مجموعة من الناشئين يعيشون مأساة مشابهة.. هؤلاء الشباب الذين حلموا يومًا بأن يصبحوا نجوم المستقبل، وجدوا أنفسهم يقاضون النادي فقط للحصول على حقوقهم، الأغرب أن النادي كان يضع شروطًا تعجيزية للتخلي عنهم، وكأنه يتفاوض على بيع نجوم كبار، وليس شبابًا يبحثون عن فرصة.

حتى المدربون، الذين كان يُفترض أن يكونوا صوت الحكمة والاستقرار، لم يتلقوا رواتبهم منذ خمسة أشهر.. لكن خوفهم من خسارة وظائفهم جعلهم يلتزمون الصمت، وكأنهم عالقون في دائرة لا نهاية لها من الإهمال والخوف.

ورغم أن هذا النادي يُظهر بصورة براقة للعالم، بتعاقداته الكبيرة وأسمائه اللامعة، وتوسمنا فيه قيادة الاستثمار الرياضي في الكرة المصرية، إلا أن الحقيقة باتت تكشف وجهًا آخر، وجهًا يروي قصة وعود زائفة وأحلام محطمة.. القصة ليست فقط عن المال، بل عن الكرامة، وعن حق كل رياضي أن يُعامل باحترام وإنسانية، بغض النظر عن اسمه أو جنسيته.. فأنا لا يهمني سوى الإنسانية!

في النهاية، لا يتعلق الأمر بلاعبات أو ناشئين فقط.. القصة هي تذكير لكل صاحب حلم بأن الوعود لا تصنع الواقع، وأن الحقوق لا تُمنح، بل تُطالب بها، إنها دعوة للتغيير، لئلا تتحول الرياضة من ميدان للعدالة إلى ساحة للاستغلال.. والحقيقة أنني سعيدًا بتدخل وزارة الرياضة لحل الأزمة وأعجبني بيانها تحديدًا كلمة “في دور الرقابة”، لكنني مذهولًا بالنادي الذي اشتهر بإنفاق الملايين في كل اتجاه، يسقط سريعًا في أمرٍ كهذا؟ لكن نصيحة للجميع، من يظن أن تجاهل حقوق الآخرين يمر بلا عواقب، فلا بد أن يهزم في النهاية.

للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا 

عبد الله السعيد
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق