يؤدي الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في كثير من نواحي الحياة اليومية في الزمن الحالي، ولكنه يترك أثرًا مهمًا في أسواق النفط والغاز والفحم، لا سيما مع تزايد الطلب على الطاقة لتلبية احتياجات مراكز البيانات وغيرها.
وفي هذا السياق، يوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن هناك أخبارًا من دول عديدة، كانت آخرها اليابان، التي توشك كل جهودها المتعلقة بسياسات تغير المناخ على التبخر تمامًا.
وقال: "كل ذلك بسبب الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، التي تستهلك كميات كبيرة جدًا من الطاقة، إذ إن فكرة سياسات التغير المناخي تقوم على الاستثمار بشكل كبير في مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لاستبدال الفحم والغاز، ومن ثم التخلص من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهذا ما يريدونه".
المشكلة الآن، وفق الحجي، أن الزيادة في الطلب على الكهرباء بسبب مراكز البيانات وبسبب الذكاء الاصطناعي، أكبر من كل الزيادات في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومن ثم لا يمكن بأيّ شكل إحلال الكهرباء النظيفة محل الكهرباء من الغاز والفحم، وسيبقيان معنا.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها الدكتور أنس الحجي عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، بعنوان "النفط والغاز بين الواقع ورغبات ترمب ووكالة الطاقة الدولية وأوروبا".
الذكاء الاصطناعي والطلب على الغاز والفحم
قال الدكتور أنس الحجي، إن الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات سيؤديان إلى زيادة الطلب على الغاز والفحم بشكل كبير، ومقارنة بكل التوقعات السابقة، وذلك لتلبية الطلب المتزايد مستقبلًا على الكهرباء.
وأضاف: "طبعًا يرتبط بذلك أمر آخر ومهم، وهو موضوع الصين، إذ هناك كثير من الحديث عن أن الطلب على النفط هناك قد بلغ ذروته، وأن الطلب على البنزين سيبلغ ذروته".
ونبّه الدكتور أنس الحجي الطلاب إلى ضرورة تلافي مشكلة كبيرة، وهي ضرورة عدم إصدار أو عمل أيّ توقعات لأيّ بلد في أيّ مجال، إذا كان هذا البلد يعاني بطء النمو الاقتصادي، أو إذا كان يعاني من ركود اقتصادي، لأن هذا يؤدي إلى نتائج خاطئة.
ولفت إلى أن هذا الخطأ تكرر كثيرًا خلال الأشهر الماضية بالنسبة لأوروبا والصين، إذ بالنسبة لأوروبا كانت تعاني حالة ركود كبيرة، لذلك جاءت التوقعات بانخفاض الطلب على النفط، مضيفًا: "كنا الوحيدين في شركتنا الذين توقّعنا العكس تمامًا، وقلنا، إن الطلب في أوروبا سيزيد، وهو ما حدث".
وأوضح أن هذا الأمر ينطبق أيضًا على الصين، التي تعاني انخفاض النمو الاقتصادي، ويرى بعضهم بناءً على ذلك أن الطلب على النفط بلغ ذروته أو سيبلغ ذروته، وهذا الكلام غير صحيح، إذ بناءً على التحليلات الإحصائية، من الواضح أن الجزء الأكبر من انخفاض الطلب على النفط يعود للنمو الاقتصادي، وليس السيارات الكهربائية أو شاحنات الغاز المسال.
الغاز المسال القطري إلى أوروبا
علّق الدكتور أنس الحجي على أزمة تصدير الغاز المسال القطري إلى أوروبا، بالقول، إن الدوحة هددت الاتحاد الأوروبي بوقف صادراتها في حالة تطبيق القانون المقترح الذي يطلب من كل الشركات العاملة في الدول الأوروبية أو الشركات التي تصدر للقارة التأكد من الشروط البيئية وأمور أخرى.
وأضاف: "هذا القانون غير طبيعي على الإطلاق، ويحمل غطرسة غير طبيعية، لأنه -كما قال رئيس شركة قطر للطاقة سعد الكعبي-، هناك أكثر من 1000 شركة يتعامل معها حول العالم، فكيف سيتأكد منها كلّها، لا سيما أن كل دولة لديها قوانين مختلفة؟".
وتساءل الدكتور أنس الحجي: "كيف سيتأكد الاتحاد الأوروبي من أن الشركات المختلفة في كل الدول حول العالم لديها قوانين عمل تتوافق مع شروطه، أو قوانين بيئية تتوافق مع المعايير التي وضعها؟" موضحًا أن هذا الأمر غير معقول.
وتابع: "إذا لم يقوموا بذلك، فهذا يؤدي إلى عقوبة تقريبًا 5% من إيرادات شركة قطر للطاقة، وهذا طبعًا يعني دفع الأرباح كلها عقوبة، لذلك من الأفضل لها عدم تصدير الغاز المسال القطري إلى أوروبا، ومن ثم هدد الكعبي بعدم إرسال أيّ شحنات إلى دول الاتحاد إذا طبّّقت هذا القانون".
ولفت إلى أن هذا ينطبق على دول عديدة، وليس على دولة قطر وحدها، إلّا أن الأخيرة كانت أول خرزة في المسبحة، مضيفًا: "أعتقد أن المسبحة ستنفرط، وستأتي دول كثيرة، وأيضًا علينا أن نذكر أن إدارة بايدن وإدارة ترمب تتفاوضان منذ مدة مع الاتحاد الأوروبي على الموضوعات نفسها".
ولكن، وفق الدكتور أنس الحجي، من الواضح تمامًا أن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع أن يطبّق القوانين على الغاز المسال الأميركي، وهذا أمر مهم، ولكن بالنسبة لقطر لن يطبَّق القانون حتى عام 2027، وبحلول هذا العام ستكون هناك زيادة كبيرة في صادرات الغاز المسال الأميركية، ومن ثم يمكن للولايات المتحدة التعويض في كل الحالات.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..
0 تعليق