«الصين وأمريكا» وراء فشل إصلاحات التجارة العالمية

رؤية الاخبارية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
1

مع استمرار تفاقم الانقسامات بين الدول الأعضاء، تواجه منظمة التجارة العالمية تحديات حقيقية في إعادة بناء النظام التجاري العالمي القائم على القواعد.

وإذا استمرت هذه النزاعات دون حل، قد يكون المستقبل مشوبًا بالفوضى التجارية، ما يهدد الأسس التي قامت عليها التجارة العالمية منذ عقود.

النظام التجاري المتعدد الأطراف

وفق لما ذكرته مجلة فورين آفيرز الأمريكية اليوم الاثنين 7 أكتوبر 2024، فإنه على مدار 75 عامًا، ساهم النظام التجاري المتعدد الأطراف في تعزيز الاستقرار الاقتصادي العالمي.

وقد نجحت الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (GATT) ومن بعدها منظمة التجارة العالمية (WTO) في تعزيز التعاون بين الدول لخفض الحواجز الجمركية وتعزيز التكامل الاقتصادي العالمي، ما ساهم في تحقيق ازدهار غير مسبوق. ومع ذلك، يواجه هذا النظام الآن أزمة حادة حيث باتت التعاونيات الدولية التجارية تنهار، والدول الكبرى تتجه نحو إجراءات حمائية متزايدة.

انهيار التعاون الدولي

تخلت الولايات المتحدة، التي كانت يومًا ما رائدة في دعم الأسواق الحرة والتعاون التجاري المتعدد الأطراف، عن التزامها بالتجارة الحرة. وفرضت واشنطن تعريفات جمركية وقدمت دعمًا حكوميًا هائلًا لعدة قطاعات صناعية، ما اعتبره الكثيرون انتهاكًا لقواعد منظمة التجارة العالمية.

في المقابل، واصلت الصين استخدام دعمها الحكومي وتشويه التجارة العالمية من خلال “إكراه اقتصادي”، ما أدى إلى تصاعد النزاعات التجارية بين البلدين. ومن أجل تفادي العقوبات، أوقفت الولايات المتحدة آلية إنفاذ قرارات المنظمة، ما يعرض النظام التجاري بأكمله للخطر.

تعثر المفاوضات

رغم محاولات العديد من الدول للحفاظ على النظام التجاري القائم على القواعد، قامت دول أخرى مثل الهند وإندونيسيا بعرقلة المفاوضات وإعاقة تنفيذ القواعد التجارية. منذ بداية القرن الحادي والعشرين، فشلت جولات التفاوض الكبرى مثل جولة الدوحة التي بدأت في عام 2001.

كان سبب الفشل الرئيسي هو الخلاف بين الصين والولايات المتحدة حول خفض التعريفات، ما أدى إلى تعطل تلك المفاوضات.
إعادة إحياء مفاوضات منظمة التجارة العالمية أمر ضروري للحفاظ على التعاون الدولي. يمثل الاتفاق الحالي بشأن دعم الصيد البحري، والذي يجري التفاوض حوله منذ سنوات، اختبارًا حاسمًا لقدرة المجتمع الدولي على إعادة تنظيم التجارة العالمية.

أزمة دعم الصيد البحري

ساهمت الإعانات الحكومية في أزمة الصيد الجائر، حيث أن 90% من مخزونات الأسماك العالمية إما مستغلة بالكامل أو في طريقها للاستنزاف. تدعو العديد من الدول النامية التي تعتمد على الصيد إلى فرض قواعد صارمة على هذه الإعانات لحماية مواردها الغذائية والاقتصادية.

وفي 2022، توصلت منظمة التجارة العالمية إلى اتفاق أولي لحظر الإعانات المتعلقة بالصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم. لكن هذا الاتفاق لم يتناول القضية الكبرى المتمثلة في الإعانات التي تشجع على الصيد المفرط، والتي كانت موضوع نقاش في اجتماع رفيع المستوى في 2024.

رغم الآمال الكبيرة، أعاقت الهند هذا الاتفاق بسبب مطالبها بإعفاءات واسعة، ما أدى إلى انهيار المفاوضات. يظهر هذا المثال التحدي الكبير الذي تواجهه المنظمة في الحصول على إجماع بين جميع أعضائها.

الحلول البديلة

نظرًا لصعوبة الوصول إلى إجماع شامل، اتجهت الدول إلى استخدام اتفاقيات بينية (Plurilateral)، وهي اتفاقيات اختيارية تنطبق فقط على الدول المشاركة فيها. من أبرز هذه الاتفاقيات تلك التي وُقعت في 2024 والتي تهدف إلى تسهيل الاستثمار الأجنبي المباشر عن طريق تبسيط الإجراءات البيروقراطية.

من المتوقع أن تساهم هذه الاتفاقية في تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة، خاصة في الدول النامية والمتوسطة الدخل.
ورغم الفوائد المتوقعة، يتطلب إدخال هذه الاتفاقيات ضمن النظام القانوني لمنظمة التجارة العالمية موافقة جميع الأعضاء، وهي عملية تم تعطيلها من قبل دول مثل الهند وجنوب أفريقيا وتركيا، ما أثار استياء الكثيرين من الدول الأعضاء.

انقسامات داخل الدول النامية

برزت خلافات جديدة في منظمة التجارة العالمية حيث أصبحت الدول النامية نفسها متعارضة في المواقف. في السابق، كانت الانقسامات التجارية تتمحور حول التباينات بين الدول المتقدمة والدول النامية. لكن في القضايا الحالية، كما في مفاوضات دعم الصيد والاستثمار الأجنبي، نشأت تناقضات بين الدول النامية ذاتها.

في تصريحات غير معتادة، أدانت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نغوزي أوكونجو إيويالا، تلك الدول التي وصفتها بأنها تتبنى “موقفًا خاسرًا للجميع”، مما يعطل التوصل إلى الاتفاقيات الضرورية ويضر بالمنظمة.

اقرأ أيضًا

إخلاء مسؤولية إن موقع مصر النهاردة يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق