واقعة "التحرش الجماعي" بطنجة تثير سجالا حقوقيا بشأن حرية لباس المرأة

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

رفض لفيف من الحقوقيات المغربيات “التبريرات” التي رافقت عملية التحرش الجماعي بفتاة بمدينة طنجة من طرف قاصرين، والتي حمّلت “المسؤولية للفتاة بحكم لباسها الفاضح وغير المحتشم والمستفز”، مشددات على أن “أقوالا من هذا القبيل تكرس نهجاً قديماً يعتبر النساء ضحايا التحرش والاعتداءات الجنسية متهمات في ما يجري لهن داخل المجتمع”.

ولأن طنجة عرفت قبل شهور عملية تجول سيدة بـ”ملابس كاشفة”، فقد شددت حقوقيات من الجانب الآخر على “حقوق المجتمع”، معتبرات أن “الأصل هو الحشمة والحياء والعفة والوقار”، بتعبيرهنّ، وأن “هناك حدودا تنهي مبدأ الحرية، وإلا أصبحنا أمام حالة تسيب وابتذال لا تسمح لنا بأن نشبه أنفسنا كدولة مسلمة مواطنوها مسلمون، وتجعلنا نجتر نقاشات ثانوية تكشف أنها بلا مفعول داخل المجتمع”، وفق قولهن.

“نكوص حقيقي”

نزهة بلقشلة، عضو الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، قالت إن “اعتبار لباس المرأة سببا في تعرضها للتحرش هو خبل ذكوري لا يريد أن ينتهي ويصرّ على تحميل النساء المسؤولية في ما يتعرضن له، مع أن الأصل في المجتمع المغربي هو الاحترام وقبول الآخر”، ولا أدلّ على ذلك، وفق المتحدثة، أنها، وجيلها، قضت “مرحلة طفولة مزدهرة كان عنوانها الاحترام المتبادل”.

ووضّحت بلقشلة، ضمن حديثه لهسبريس، أن “النساء قبل المد الوهابي الإسلاموي كنّ يكشفن عن شعورهن بحرية، والفتيات يذهبن إلى المدرسة بتنورات قصيرة، وكان المجتمع يتقبل ذلك ويتعايش معه، لكننا نبدو من خلال ظهور نقاشات خاطئة عن حرية المرأة وكأننا تخلينا عن أنفسنا وأصبحنا مستلبين من طرف تيارات دخيلة”.

وأضافت الحقوقية سالفة الذكر أن “المرأة لها الحرية في أن ترتدي الثياب التي تعجبها وتتماشى مع ذوقها، ولا يحقّ التطاول عليها”، منتقدة بحدة ما أسمته “التحليلات السطحية” التي تقول إن بعض المناطق الشعبية تعدّ بالغة الخطورة على المرأة التي ترتدي لباسا معينا، معتبرة أن “الدولة بوسعها توفير الحماية لجميع المواطنات والمواطنين في كل النقاط كيفما كان نوعها”، وأن “التشدد في تطبيق القانون في قضايا التحرش، سيكون رادعاً”.

وبالنسبة للمتحدثة عينها، فإن “التربية تلعب دورا أساسيا في التفكير في جسد المرأة”، موردة أن “التنشئة المجتمعية هي التي تتورط بوعي وبدون وعي في تكريس صور نمطية تدعي ممارسة الوصاية على المرأة وعلى ما تختاره كشكل لثيابها التي تظهر بها في الفضاء العمومي، الذي يعدّ ملكا مشتركا يتطلب الحياد الكامل تجاه جميع المواطنين رجالاً ونساء”.

“مجتمع مسلم”

وفيما تجنبت بثينة قروري، رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، الحديث في الموضوع، قالت خديجة مفيد، رئيسة مركز الدراسات الأسرية والبحث في القيم وقضايا الأسرة، إن “النقاش لا بد أن يستوعب حقوق الفرد وأيضا حقوق مجتمع مسلم، وذلك من أجل خلق التوازن بلا استفزاز وتحقيق العدل بين أن يمارس الفرد حريته وأن يحترم المجتمع في قيمه ومعتقداته. وهذا ما يمكن أن نتحدث عنه بخصوص ما وقع في طنجة”.

مفيد أوردت ضمن تصريحها لهسبريس أن “هذه المضايقة تحتاج أن نعرف كيف صدرت؛ فهل هي صدرت كفعل من الفتاة وكان فعل الفتيان رد فعل على ما قامت به أو صدرت من الفتيان على الفتاه فقط؟”، معتبرة أن “اللباس الذي ترتديه الفتاة، انطلاقا من المفهوم الحضاري للإنسان، مشكلة ويثبت أن الإنسان كلما توجه نحو التحضر والتمدن يغطي جسمه، وكلما ارتد إلى البداوة تعرى”، بتعبيرها.

وأضافت أن “اللباس أساسي لضبط عملية الستر والارتقاء، فكلّما تثقَّف الفرد تمظهر لباسه بثقافته. وهكذا يصبح اللباس سلوكا اجتماعيا. وما قامت به الفتاة بحكم لباسها هو نوع من التحرش بالفتيان، خاصة أن الذين قاموا بهذا الفعل قاصرون، وهي المرحلة التي تنطلق فيها مشاعر الذكور تجاه الإناث بشكل فطري دفعهم إلى القيام بدورهم بسلوك بدائي أيضا، يدل على عدم تربية وضعف تأطير لهؤلاء الأطفال”.

وزادت مفيد أن “القاصرين عبروا على كيفية تفاعل فطرتهم ومشاعرهم ورغباتهم تجاه استفزاز جسد عارٍ”، مسجلة أنها “حركة تكشف حاجة شريحة من أطفالنا إلى التأهيل الذي يلزم، والذي تنخرط فيه جميع المؤسسات، بما فيها المدرسة والمجتمع والأسرة والإعلام”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق