إعادة تدوير مخلفات البناء.. بين التحديات وتحقيق الاستدامة (مقال)

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تعدّ مخلفات البناء من أكبر المشكلات البيئية التي تواجه العالم في الوقت الحالي، إذ تسبّب تلوثًا بيئيًا، وتستهلك مساحات كبيرة من الأراضي.

ولكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أنه يمكن استعمال تلك المخلّفات بعملية الردم في المشروعات الإنشائية بطريقة صحيحة ومستدامة.

في هذا المقال، سنستعرض الآليات والشروط اللازمة لاستعمال مخلّفات البناء في عملية الردم بشكل فعال وآمن.

إن إعادة تدوير المخلّفات واستعمالها بعملية الردم بالمشروعات الإنشائية هو موضوع يستحق الاهتمام والدراسة، إذ إنه يعدّ حلًا مستدامًا لتقليل كمية النفايات وحماية البيئة.

تتضمن المخلّفات التي يمكن استعمالها في الردم العديد من المواد مثل الخرسانة، والطوب وغيرها، وتحتاج هذه المواد إلى إعادة تدويرها واستعمالها بشكل صحيح للحفاظ على البيئة وتقليل النفايات.

شروط استعمال مخلفات البناء

هناك العديد من الآليات والشروط التي يجب اتّباعها عند استعمال مخلفات البناء بالردم في المشروعات الإنشائية، وسوف نستعرض بعضها.

• يجب الاهتمام بفصل المواد القابلة للتدوير من المخلّفات، مثل الخرسانة والطوب والزجاج، وتجميعها في مكان مخصص لها، ويمكن تدوير هذه المواد واستعمالها في الردم بدلًا من التخلص منها في مكبات النفايات.

• يجب التأكد من جودة المواد المستعملة في الردم، إذ يجب أن تمرّ هذه المواد بفحص دقيق لضمان عدم وجود مواد ضارة تؤثّر بالبيئة أو بسلامة الإنسان.

• يجب اتّباع الشروط البيئية والصحية عند استعمال المخلّفات في الردم، مثل عدم استعمال مواد تسبب تلوثًا بيئيًا أو تعرّض صحة العاملين للخطر.

• يجب الالتزام بالقوانين واللوائح المحلية والدولية التي تنظّم استعمال مخلفات البناء في الردم، والتأكد من أنها تتماشى مع تلك القوانين واللوائح.

• يجب الاهتمام بتدريب العمال على كيفية فصل تلك المخلّفات في الردم بشكل صحيح، لتوفير الجهد خلال تدويرها.

مخلفات البناء
مخلّفات البناء- الصورة من "المركز العربي لدراسات البيئة"

تحديات تواجه إعادة التدوير

استعمال مخلفات البناء في الردم في المشروعات الإنشائية يواجه العديد من التحديات التي قد تعوق عملية تنفيذه بفعالية، من أبرز هذه التحديات:

1. جودة المواد: قد تكون المخلّفات متنوعة في نوعية المواد وجودتها، مما يجعل من الصعب التأكد من ملاءمتها للاستعمال في الردم، وقد تحتوي بعض المواد على شوائب أو مواد ضارة تؤثّر في جودة الردم وتسبّب مشكلات لاحقة.

2. تكلفة المعالجة: قد يكون من الضروري تنقية ومعالجة مخلّفات البناء قبل استعمالها في الردم، مما يزيد من تكلفة المشروع، ويجعلها غير مجدية اقتصاديًا في بعض الأحيان.

3. التشريعات واللوائح: قد تواجه الشركات والمقاولين تحديات قانونية وبيروقراطية باستعمال المخلّفات في الردم، إذ قد تكون هناك متطلبات صارمة تتعلق بالبيئة والصحة والسلامة.

4. توافر الموارد: قد تكون الكميات المتاحة من مخلّفات البناء غير كافية لتلبية احتياجات المشروع، مما يجعل من الصعب الاعتماد على هذه المواد بصفتها موردًا رئيسًا في الردم.

5. التوعية والتدريب: قد تحتاج الفرق الفنية والعمال المشاركون في المشروعات إلى تدريبات خاصة لفهم كيفية استعمال المخلفات بشكل صحيح وفعال، وتجنّب الأخطاء التي قد تؤثّر في جودة الردم.

6. السلامة والصحة المهنية: يجب التأكد من أن استعمال المخلّفات في الردم لا يشكّل خطرًا على العمال والفنيين، وأن إجراءات السلامة والصحة المهنية تُطًبَّق بصرامة.

باجتياز هذه التحديات والتعامل معها بشكل مناسب، يمكن تحقيق الاستفادة القصوى من استعمال مخلّفات البناء في الردم بالمشروعات الإنشائية بشكل مستدام وفعال.

حلول ممكنة لتجاوز التحديات

هناك عدّة حلول ممكنة لتجاوز التحديات التي قد تواجه استعمال مخلفات البناء في الردم بالمشروعات الإنشائية، ومن أبرز هذه الحلول:

1. تقييم جودة المواد: يجب إجراء تقييم دقيق لجودة المخلّفات المتاحة قبل استعمالها في الردم، وضمان أنها تلبي المعايير والمواصفات المطلوبة لضمان جودة الردم.

2. تطوير تقنيات المعالجة: يمكن تطوير تقنيات معالجة المخلّفات لتحسين جودتها ، مما يسهم في تقليل التكلفة وزيادة فعالية استعمالها.

3. التواصل مع الجهات الرقابية: يجب التواصل مع الجهات الرقابية المعنية والامتثال للتشريعات واللوائح المحلية المتعلقة باستعمال مخلفات البناء في الردم، وضمان الامتثال للمعايير البيئية والصحية.

4. تعزيز التعاون والشراكات: يمكن للشركات والمقاولين تعزيز التعاون مع مزوّدي المخلّفات الموثوقين وتطوير شراكات إستراتيجية لضمان توافر كميات كافية وجودة عالية من تلك المواد.

5. التدريب والتوعية: يجب توفير التدريب والتوعية للفرق الفنية والعمال حول كيفية استعمال مخلّفات البناء بشكل صحيح وآمن، وتعزيز الوعي حول أهمية الاستدامة والحفاظ على البيئة.

6. تطبيق إجراءات السلامة والصحة المهنية: يجب على الشركات والمقاولين تطبيق إجراءات السلامة والصحة المهنية بصرامة وفعالية لضمان سلامة العمال والفنيين خلال استعمال المخلّفات في الردم.

من خلال تبنّي هذه الحلول وتنفيذها بشكل جيد، يمكن تجاوز التحديات وتحقيق استعمال فعال ومستدام لمخلفات البناء في الردم بالمشروعات الإنشائية.

مخلفات البناء
مخلّفات البناء

آليات تحسين جودة المخلفات

هناك العديد من الآليات المستعمَلة في معالجة مخلّفات البناء لتحسين جودتها وجعلها أكثر صلاحية للاستعمال في الردم بالمشروعات الإنشائية، ومن أبرز هذه الآليات:

1. الفرز والتصنيف: تُفصَل المخلَّفات إلى فئات مختلفة باستعمال أنظمة الفرز والتصنيف، مما يسمح بفصل المواد القابلة للإعادة التدوير والمادة القابلة للاستعمال في الردم من المواد الأخرى.

2. السحق والطحن: تُسحَق المخلفات الصلبة مثل الخرسانة والطوب لتقليل حجمها وزيادة مساحة سطح التفاعل، مما يساعد في تحسين جودة المواد وتسهيل عملية معالجتها.

3. الترشيح والغسيل: يمكن استعمال عمليات الترشيح والغسيل لإزالة الشوائب والمواد الضارة من مخلّفات البناء، وتحسين نوعية المواد المعالجة.

4. استعمال التقنيات الحيوية: تشمل هذه التقنيات استعمال البكتيريا والفطريات والأحياء الدقيقة لتحليل وتحليل المواد العضوية في المخلّفات، وتحويلها إلى مواد قابلة للتحلل.

5. إعادة الاستعمال: يمكن إعادة استعمال بعض مخلّفات البناء مباشرة في المشروعات الإنشائية، بعد تنقيتها وتجهيزها بشكل صحيح، مما يسهم في تقليل النفايات وحماية البيئة.

6. استعمال التقنيات الحديثة مثل التقنيات الحرارية والكيميائية: يمكن استعمال التقنيات الحديثة لمعالجة المخلّفات بفعالية، مثل التحليل الحراري والمعالجة الكيميائية، لتحويل المواد إلى مواد غير ضارة وصالحة للاستعمال.

باستعمال هذه التقنيات بشكل صحيح وفعال، يمكن تحسين جودة مخلّفات البناء وجعلها أكثر صلاحية للاستعمال في الردم بالمشروعات الإنشائية بطريقة مستدامة وفعالة.

الاختبارات قبل الردم

هناك عدّة اختبارات يمكن إجراؤها على مخلّفات البناء قبل استعمالها في الردم بالمشروعات الإنشائية لضمان جودتها وصلاحيتها للاستعمال، ومن أبرز هذه الاختبارات:

1. اختبار تحمّل الضغط: يُستعمَل هذا الاختبار لتحديد قوة تحمل المخلّفات للضغط، والتأكد من قدرتها على دعم الهياكل الإنشائية.

2. اختبار تحمّل التشتت: يُستعمَل هذا الاختبار لقياس تحمّل المخلّفات للتشتت وتحديد قدرتها على الثبات وعدم الانهيار.

3. اختبار تحمّل التعرض للماء: يُستعمَل هذا الاختبار لتحديد مدى قدرة المخلّفات على تحمّل التعرض للماء دون تأثّر جودتها.

4. اختبار التحلل الكيميائي: يُستعمَل هذا الاختبار لتحليل المكونات الكيميائية للمخلّفات، والتأكد من عدم وجود مواد ضارة أو ملوثة.

5. اختبار التحمل الحراري: يُستعمَل هذا الاختبار لقياس تحمّل المخلّفات للحرارة، وتحديد قدرتها على تحمّل درجات الحرارة المرتفعة.

6. اختبار الاستقرار الكيميائي: يُستعمَل هذا الاختبار لتحديد استقرار المخلّفات الكيميائي، وعدم تفاعلها مع المواد الأخرى.

باستعمال هذه الاختبارات، يمكن للشركات والمقاولين التأكد من جودة وصلاحية مخلّفات البناء قبل استعمالها في الردم بالمشروعات الإنشائية، مما يسهم في تحقيق أداء مستدام وفعال للمشروع.

معايير ضمان الجودة

عند اختيار مخلّفات البناء للاستعمال في الردم بالمشروعات الإنشائية، يجب مراعاة عدّة معايير لضمان جودتها وصلاحيتها للاستعمال، من أهم هذه المعايير:

1. القوام والكثافة: يجب أن تكون مخلّفات البناء التي تُستَعمَل في الردم لها قوام وكثافة مناسبة لدعم الهياكل الإنشائية بشكل صحيح.

2. التركيب الكيميائي: يجب التحقق من التركيب الكيميائي للمخلّفات، للتأكد من عدم وجود مواد ضارة أو ملوثة تؤثّر بالبيئة أو بالهياكل الإنشائية.

3. التركيب الحبيبي: يجب الانتباه إلى تركيب الحبيبات في مخلّفات البناء، وضمان عدم وجود شوائب كبيرة قد تؤدي إلى عدم توزيع متساوٍ للحمل.

4. قدرة التحمّل: يجب التحقق من قدرة مخلّفات البناء على تحمّل الضغط والتشتت.

5. التوافق البيئي: يجب مراعاة التوافق البيئي لمخلّفات البناء، وعدم تأثيرها السلبي بالبيئة والصحة العامة.

6. احتياجات المشروع: يجب أيضًا مراعاة احتياجات المشروع الخاصة، وضمان توافر كميات كافية من مخلّفات البناء، لاستعمالها في الردم.

باختيار مخلّفات البناء وفقًا لهذه المعايير، يمكن ضمان جودتها وصلاحيتها للاستعمال في الردم بالمشروعات الإنشائية بفعالية واستدامة.

تغير المناخ

فوائد بيئية مهمة

استعمال مخلّفات البناء في الردم يعدّ من السبل الفعالة لتحقيق الاستدامة البيئية، وتقليل تأثيرات البناء في البيئة، ومن الفوائد البيئية لاستعمال مخلّفات البناء في الردم:

1. تقليل الاستغلال الطبيعي: باستعمال المخلّفات في الردم، يمكن تقليل الحاجة إلى استغلال الموارد الطبيعية مثل الحصى والرمل والصخور، مما يسهم في الحفاظ على البيئة، والحدّ من استنزاف الموارد الطبيعية.

2. تقليل النفايات: باستعمال المخلّفات في الردم، يمكن تقليل كمية النفايات الناتجة عن عمليات البناء والهدم، مما يسهم في تقليل التلوث البيئي وتحسين جودة البيئة.

3. توفير المساحات الطبيعية: باستعمال مخلّفات البناء في الردم، يمكن تجنّب انشاء مكبّات للنفايات جديدة، أو استغلال المساحات طبيعية، مما يحافظ على التنوع البيولوجي والمحميات الطبيعية.

4. تقليل انبعاثات الكربون: باستعمال تلك المخلّفات في الردم، يمكن تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بتصنيع ونقل المواد الإنشائية التقليدية.

5. تعزيز الاستدامة: باستعمال مخلّفات البناء في الردم، يمكن تعزيز مفهوم الاستدامة في قطاع البناء، وتحقيق التوازن بين الاحتياجات الحالية والاحتياجات البيئية والاقتصادية للأجيال القادمة.

إن استعمال مخلّفات البناء في الردم يمكنه تحقيق العديد من الفوائد البيئية التي تسهم في الحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة، ويمكن القول، إن استعمالها يعدّ خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة البيئية في قطاع البناء والإنشاء.

وبفضل الفوائد البيئية التي تقدّمها هذه الممارسة، يمكن تقليل التأثيرات السلبية في البيئة وتحسين جودة الهواء والمياه والتربة، كما يسهم في تحقيق الاستدامة الاقتصادية من خلال توفير الموارد وتقليل التكاليف.

وفي النهاية، يجب علينا جميعًا العمل معًا لتعزيز استعمال مخلّفات البناء في الردم، وتبنّي الممارسات البيئية المستدامة من أجل حماية البيئة، وضمان توفير بيئة صحية وآمنة للأجيال الحالية والقادمة.

* المهندسة هبة محمد إمام - خبيرة دولية واستشارية بيئية مصرية

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق