باحثون يدعمون عقد مناظرة للدبلوماسية الموازية في قضية الصحراء المغربية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ما يزال النقاش بشأن تنسيق جهود الفاعلين في ميدان الدبلوماسية الموازية، من برلمان وأحزاب وهيئات مدنية ونقابية وغيرها، للترافع عن قضية الوحدة الترابية للمملكة يستأثر باهتمام الباحثين والمتتبعين للشأن السياسي بالمغرب؛ إذ أبدى بعض هؤلاء دعمه “لفكرة مناظرة وطنية حول الدبلوماسية الموازية”، التي طرحها المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، “بهدف فتح مجال للتفكير والنقاش بشأن كيفية توحيد جهود الجهات المدنية والحزبية والمنتخبة في الدفاع عن قضية الصحراء المغربية”.

ويقول الباحثون المؤيدون لهذا المقترح الذي طرحه المركز سالف الذكر، أول أمس الأربعاء، غداة التئام الدورة 22 لجمعيته العمومية، إن “هذه المناظرة يمكن أن تكون إطارا للنقاش وتداول الأفكار بشأن كيفية ضمان الالتقائية في تدخلات الجهات سالفة الذكر لإسناد جهود الدبلوماسية الرسمية في تضييق رقعة الداعمين للانفصال وكسب مزيد من الاعتراف بمغربية الصحراء، وكذا بشأن سبل تقوية قدراتها الترافعية، خاصة في جانب تمكنها من الفهم العميق لكافة المصطلحات والمعطيات والحقائق القانونية المرتبطة بالملف”.

في المقابل، يقول آخرون إنهم لا يعارضون الفكرة مبدئيا، بالنظر إلى أن “الحاجة للتنسيق في هذا الملف قائمة في نهاية المطاف”، بيد أنهم يتمسكون بأن تكون الدعوة إلى هذه المناظرة وتنظيمها من قبل وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، على اعتبار أنها “هي أكثر اطلاعا على هذا الملف ومعرفة بما يجب أن تستهدفه الدبلوماسية الموازية فيه”.

وكان المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات قد طرح فكرة مناظرة وطنية حول الدبلوماسية الموازية للمغرب، “يدعى إليها مختلف الفاعلين المؤهلين وتتبناها الجهات ذات القدرة على تفعيل هذا الطموح”، لافتا إلى أن هذا الاقتراح يأتي “من أجل مزيد من النجاعة وتفادي المبادرات المكررة وتوحيد الخطاب السياسي والدبلوماسي، وتيسير الاستهداف الفعال وطنيا ودوليا في الترافع حول القضية الوطنية الأولى قضية الصحراء المغربية”.

وأضاف المركز ذاته، في بلاغ بمناسبة انعقاد الدورة 22 لجمعيته العمومية، أن تحقيق “حد أدنى من مأسسة الدبلوماسية الموازية للمغرب وتنسيق جهودها ضمن استراتيجية وطنية أصبح حاجة ملحة أمام التراكم الذي حققته وتحققه الهيئات الوطنية، من برلمان وجامعات وهيئات مدنية، وأمام المكاسب الكبرى التي تحققها الدبلوماسية المغربية والسياسة الخارجية للبلاد التي يصنع القرار فيها جلالة الملك”.

“إطار للنقاش”

عبد الحفيظ أدمينو، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن “هذه المناظرة التي يدعو إليها المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات يمكن أن تكون إطارا لمناقشة مجموعة من الأفكار والتصورات الكفيلة بضمان التنسيق اللازم بين مختلف الفاعلين الممارسين للدبلوماسية الموازية في ميدان الترافع عن قضية الصحراء المغربية، كما حسم الملك في خطابه الأخير”، مضيفا أنه “لا يمكن تبخيس دور جهود أي مؤسسة رسمية أو هيئة حزبية أو مدنية أو غيرها في ما حصده المغرب من إنجازات على مستوى هذه القضية، ولكن التنسيق والتكامل بين هذه الجهود أمر ملح في هذه المرحلة”.

وأضاف أدمينو، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “من بين ما يجب أن ينصب النقاش بشأنه خلال هذه المناظرة، تقوية القدرات الترافعية للفاعلين في مجال الدبلوماسية، لا سيما من خلال تعميق معرفتهم بكافة الجوانب والمعطيات القانونية للملف والضبط الدقيق لمصطلحاته”، موضحا أن “المعركة الدائرة حاليا بين المغرب والبوليساريو والجزائر داخل الهيئات الأممية وغيرها، مرتبطة أساسا بالجانب القانوني للملف، بالنظر إلى تمسك الخصوم بالترويج لسردية الاحتلال المزعوم من خلال توظيف مصطلحات: الشعب وتقرير المصير”.

وشدد أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري على أن “المغرب لا يشكو خصاصا كبيرا على مستوى العدة المعرفية والتكوينية الموجهة لتحركات الفاعلين غير الرسميين في ميدان الدفاع عن قضية الصحراء المغربية، بالنظر إلى أن الحكومة وفرت مجموعة من الدلائل والمنشورات الإرشادية بشأن هذا الملف لفائدة الأحزاب والبرلمانيين ومنتخبي الجماعات الترابية وأطر هيئات المجتمع المدني”.

وأوضح أن “الدبلوماسية البرلمانية المغربية كانت دائما نشطة، لم تبدأ اليوم؛ إذ سبق أن ترأس المغرب الاتحاد البرلماني الدولي، وهو فاعل وحاضر في البرلمانيين العربي والإفريقي، موازاة مع وجود عدد من الجماعات الترابية في تكتلات إقليمية ودولية للجماعات. وبالتالي، فإن ما نحتاجه اليوم هو وحدة جهود هذه الجهات لأن الغرض في نهاية المطاف هو تحقيق نجاعة تحركاتها في ملف القضية الوطنية”.

“مدعومة ولكن”

رشيد لزرق، محلل سياسي رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، سجل أن “أي فعل أو جهد للترافع عن قضية الصحراء المغربية مهما كانت الجهة المغربية التي تمارسه، مقدر ولا يمكن إلا تثمينه”، مؤكدا أن “الخطاب الملكي الأخير أكد أن على الجميع أن يتحرك يبذل جهود مضاعفة، سواء الجهات الرسمية من خلال الدبلوماسية العادية، أو البرلمان وهيئات المجتمع المدني والأحزاب من خلال الدبلوماسية الموازية، أو كذلك الأفراد من خلال تحركاتهم التلقائية في إطار الدبلوماسية الشعبية”.

وأوضح لزرق، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “مبدئيا، لا يمكن معارضة فكرة مناظرة وطنية في مجال الدبلوماسية الموازية، ولكن يجب أن يكون الداعي إليها ومنظمها هو الدولة ممثلة في وزارة الشؤون الخارجية بالنظر إلى أنها هي من تمتلك صورة واسعة عن قضية الصحراء المغربية ومختلف الجوانب التي ما تزال تحتاج الاشتغال عليها”، موضحا أن “الوزارة عموما هي التي يجب أن تفصل بين الأدوار الواجب أن تضطلع بها كل جهة رسمية أو غير رسمية في هذا الملف”. وزاد: “ترك تدبير هذه المناظرة لهيئة أو جهة مدنية في نهاية المطاف سيؤدي إلى معاكسة النتائج المرجوة منها، وسيثير تساؤلات الأطراف الأخرى إنْ كانت هذه الجهة أعمق اطلاعا منها على الملف”.

وشدد رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان على أن “مبادرات الفاعلين غير الرسميين المغاربة في ميدان الدفاع عن مغربية الصحراء كثيرة ومتعددة، ولكن ما ينقصنا هو فعالية ونجاعة هذه المبادرات في جلب قرارات داعمة للطرح المغربي في الملف أو دفع أخرى معارضة له، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون التكامل والتنسيق بين جميع هؤلاء الفاعلين”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق